الموضوع
الكلمة/الجملة
اسأل هنا

 
الموضوع العقيدة رقم الفتوى 0003
السؤال
لقد تلقيت بريدا الكترونيا يعرض فيه عقيدة وتاريخ الأحمدية فأود أن توضح لي حفظك الله هذه العقيدة وهل هي من عقيدة أهل السنة
الجواب
الأحمدية أو القاديانية نسبة إلى مؤسسها ميرزا غلام أحمد سنة 1900م ، أو مكان مولده قاديان مركز بنجاب بالهند، وهذه الحركة حركة هدامة صنيعة المستعمر ولخدمته، وتفتخر بذلك وتعتز، وهي ضد الإسلام والمسلمين وممن بين ذلك وأكد محمد إقبال وأبو الأعلى المودودي ومحمد إسماعيل الندوي وأبو الحسن الندوي في كتابه "القاديانية ثورة على النبوة المحمدية والإسلام" فقد ادعى ميرزا أنه المهدي الموعود وأنه المسيح الموعود وأنه رسول ونبي وأن من لم يصدق به فهو كافر وأن النبوة لم تختم بسيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – كما تزعم القاديانية أن قاديان ومسجدها تماثل مكة المكرمة ومسجدها، والحج إليها مثل الحج إلى مكة المكرمة ، وأنها المكنى عنها في القرآن الكريم بالمسجد الأقصى، وبما يحمل هذا الافتراء من خبث بمحاولة تحويل الأنظار عن القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، ولكي تخدم القاديانية أعداء الله تعالى، وانسجاماً مع نهجها وأفكارها فهي ترى تحريم الجهاد.
وبعد فلا خلاف بين العلماء على تكفير القاديانية، وردة من يعتنق مذهبهم من المسلمين، وقد صدرت قرارات المجالس والمجامع الفقهية الإسلامية التي تكشف زيفهم، وتفضح أهدافهم، وتحذر من خطرهم على الإسلام والمسلمين.
والله من رواء القصد، وهو الأعلم بالصواب
الموضوع العقيدة رقم الفتوى 0005
السؤال
ورد في صحيح مسلم الاحاديث التالية

20 1637 حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد واللفظ لسعيد. قالوا حدثنا سفيان عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير. قال
قال ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى. فقلت يا ابن عباس وما يوم الخميس؟ قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه. فقال ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فتنازعوا. وما ينبغي عند نبي تنازع. وقالوا ما شأنه؟ أهجر؟ استفهموه. قال دعوني. فالذي أنا فيه خير. أوصيكم ثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب. وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم. قال وسكت عن الثالثة. أو قال فأنسيتها.
قال أبو إسحاق إبراهيم حدثنا الحسن بن بشر قال حدثنا سفيان، بهذا الحديث.

21 1637 حدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا وكيع عن مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أنه قال
يوم الخميس وما يوم الخميس ثم جعل تسيل دموعه. حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر.

22 1637 وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد قال عبد أخبرنا. وقال ابن رافع حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا معمر عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عباس، قال
لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر ابن الخطاب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلم أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده. فقال عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع. وعندكم القرآن. حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت. فاختصموا. فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا.
قال عبيدالله فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب، من اختلافهم ولغطهم.

كما ورد في صحيح البخاري الاحاديث التالية

114 حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال
لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال اتئوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا من بعده. قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا. فاختلفوا وكثر اللغط، قال قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع. فخرج ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه.
2888، 2997، 4168، 4169، 5345، 6932.

2888 حدثنا قبيصة حدثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء، فقال
اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس، فقال ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا. فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه. وأوصى عند موته بثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم. ونسيت الثالثة.
وقال يعقوب بن محمد سألت المغيرة بن عبد الرحمن، عن جزيرة العرب، فقال مكة والمدينة واليمامة واليمن. وقال يعقوب والعرج أول تهامة.

2997 حدثنا محمد حدثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول سمع سعيد ابن جبير سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول
يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتى بل دمعه الحصى، قلت يا أبا عباس ما يوم الخميس؟ قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فقال ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا. فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا ما له أهجر استفهموه؟ فقال ذروني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه. فأمرهم بثلاث، قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم. والثالثة خير، إما أن سكتن عنها، وإما أن قالها فنسيتها. قال سفيان هذا من قول سليمان.

4168 حدثنا قتيبة حدثنا سفيان، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فقال ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا. فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا ما شأنه، أهجر، استفهموه؟ فذهبوا يردون عليه، فقال دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه. وأوصاهم بثلاث، قال أخرجوا المشركين من الجزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم. وسكت عن الثالثة، أو قال فنسيتها.
114

4169 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده . فقال بعضهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلون بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا. قال عبيد الله فكان ابن عباس إن الرزية كل الرزية، ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب، لاختلافهم ولغطهم.

5345 حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام، عن معمر. وحدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال، فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. فقال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول قربوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا.
قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب، من اختلافهم ولغطهم.
ر 114.

6932 حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال
لما حضر النبي صلى الله عليه وسلم قال، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده. قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندكم القرآن. فحسبنا كتاب الله. واختلف أهل البيت، اختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال قوموا عني.
قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب، من اختلافهم ولغطهم.
ر 114

السؤال هل هذه الاحاديث صحيحة السند؟؟
هل هذه الاحاديث صحيحة المتن؟؟
هل صحيح أن بعض الصحابة المقربين، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب، رفضوا أمر الرسول صلى الله عليه وآله وحالوا دون وصيته التي أراد فيها عدم ضلال الامة بعده؟؟
هل صحيح أن عمر بن الخطاب قال في حضرة الرسول صلى الله عليه وآله أن الرسول غلب عليه الوجع أو هجر؟؟
هل صحيح أن عمر بن الخطاب قال في حضرة الرسول صلى الله عليه وآله عندكم القرآن، حسبنا كتاب الله؟؟
وفي ضوء ذلك هل يجوز لنا أن نرفض أمر الرسول صلى الله عليه وآله؟؟ ونحن نعلم أن الله أمرنا بطاعته، بل أمرنا عدم التقديم بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله أو حتى رفع أصواتنا في حضرته، وقد بين الله تعالى عاقبة من يفعل ذلك؟؟

الجواب
1) الأحاديث النبوية الشريفة صحيحة السند والمتن والله تعالى أعلم.
2) إنّ الصحابة – رضي الله عنهم – وعلــى رأسهم عمر بن الخطاب –رضي الله عنه – لم يرفضوا أمر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- إذ لا يخفى على أي مسلم وجوب طاعته وامتثال أمره، فكيف من كبار الصحابة المقرّبين – رضي الله عنهم – وهم السابقون السابقون الذين أثنى الله تعالى عليهم في كتابه العزيز، ووصّى الرسول –صلى الله عليه وآله وسلم – الأمّة بوجوب احترامهم، وبيّن مكانتهم، وأمر باجتناب الإساءة إليهم، ووجوب ذكرهم بكل خير.
وفي هذا الموقف فإنّ سيدنا عمر – رضي الله عنه – ومن كان على رأيه فقهوا بالقرائن أنّ طلبه – صلى الله عليه وآله وسلم- منهم لم يكن على الوجوب، وإنما على التخيير، ومن باب الإرشاد إلى الأصلح، فكرهوا أن يكلفوه من ذلك ما يشقّ عليه في تلك الحالة مع استحضارهم قول الله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ} [الأنعام: 38] ومعناه أنّ من الأشياء ما يعلم منه نصاً، ومنها ما يحصل بالاستنباط، وقول الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] أي بياناً بليغاً لكل شيء من أمور الدين على التفصيل أو الإجمال بالإحالة إلى السنّة أو القياس.
ويستدل ابن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالى – أنّ أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، كان على الاختيار، لأنه عاش بعد ذلك أياماً (أربعة أيام) ولم يعاود أمرهم بذلك، فلو كان واجباً لم يتركه اختلافهم لأنه لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف، وقد كان الصحابة يراجعونه في بعض الأمور ما لم يجزم بالأمر فإذا عزم امتثلوا.
وقال القرطبي – رحمه الله تعالى-: واختلافهم في ذلك كاختلافهم في قوله – صلى الله عليه وآله وسلم- لهم: "لا يصلين أحد العصر إلاّ في بني قريظة" فتخوّف أناس فوت الوقت؛ فصلوا، وتمسك آخرون بظاهر الأمر فلم يصلوا، فما عنف أحداً منهم من أجل الاجتهاد المسوغ والمقصد الصالح والله تعالى أعلم.
3) لم يرد في أي رواية أنّ عمر بن الخطاب –ر ضي الله عنه – قال كلمة "هجر" وإنما قال بعض الصحابة – رضي الله عنهم- وليس منهم عمر – رضي الله عنه – "أهجر رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم-؟ قال القاضي عياض – رحمه الله تعالى – هكذا هو في صحيح مسلم – رحمه الله تعالى- وغيره "وأقول وفي صحيح البخاري – رحمه الله تعالى- وفي الحديث رقم (4431) ما نصّه "فقالوا: ما شأنه، أهجر استفهموه؟ فالرواية الأصح أهجر على الاستفهام وهي أصح من رواية من روى "هجر ويهجر" لأنّ هذا لا يصح منه – صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنّ معنى هجر: هذى، وإنما جاء هذا من قائله استفهاماً للإنكار على من قال: لا تكتبوا... وإن صحت الروايات الأخرى كانت خطأ من قائلها، قالها بغير تحقيق؛ بل لما أصابه من الحيرة والدهشة؛ لعظيم ما شاهده من النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – من هذه الحالة الدالّة على وفاته، وعظيم المصاب به، وخوف الفتن والضلال بعده، وأجرى الهجر مجرى شدّة الوجع.
أمّا "غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله" فقد قالها عمر – رضي الله عنه – رداً على من نازعه، وليس رداً على أمر الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم.
يقول الإمام النووي – رحمه الله تعالى-: اعلم أنّ النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- معصوم من الكذب، ومن تغيير شيء من الأحكام الشرعية في حال صحته، وفي حال مرضه، ومعصوم من ترك بيان ما أمر ببيانه، وتبليغ ما أوجب الله عليه تبليغه، وليس معصوماً من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام ونحوها؛ مما لا نقص فيه لمنزلته، ولا فساد لما تمهد من شريعته، وقد سحر - صلى الله عليه وسلم – حتى صار يخيّل إليه أنه فعل الشيء، ولم يكن فعله، ولم يصدر منه – صلى الله عليه وآله وسلم. وفي هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قرّرها".
وقال الخطابي – رحمه الله تعالى – : ولا يجوز أن يحمل قول عمر – رضي الله عنه – على أنه توهّم الغلط على رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – أو ظن به غير ذلك؛ مما لا يليق به الحال؛ لكنه لما رأى ما غلب على رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – من الوجع أو قرب الوفاة مع ما اعتراه من الكُرَب خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيه، فيجد المنافقون بذلك سبيلاً إلى الكلام في الدين، وقد كان أصحابه – صلى الله عليه وآله وسلم – يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها بتحتيم؛ كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف، وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش، فأمّا إذا أمر بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه أحد منهم".
وقال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي – رحمه الله تعالى: "إنما قصد عمر – رضي الله عنه – التخفيف عن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم- حين غلبه الوجع، ولو كان مراده – صلى الله عليه وآله وسلم – أن يكتب ما لا يستغنون عنه لم يتركه لاختلافهم، ولا لغيره لقوله تعالى: {بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67]، كما لم يترك تبليغ غير ذلك لمخالفة من خالفه، ومعاداة من عاداه، وكما أمر في ذلك الحال؛ بإخراج اليهود من جزيرة العرب، وغير ذلك مما ذكره في الحديث".
وقال البيهقي – رحمه الله تعالى – أيضاً: "وإن كان المراد بيان أحكام الدين، ورفع الخلاف فيها، فقد علم عمر – رضي الله عنه – ذلك لقوله تعالى {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] وعلم أنه لا تقع واقعة إلى يوم القيامة؛ إلاّ وفي الكتاب أو السنّة بيانها نصاً أو دلالة، وفي تكليف النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- في مرضه مع شدّة وجعه كتابة ذلك مشقة، ورأي عمر – رضي الله عنه – الاقتصار على ما سبق بيانه إياه نصاً أو دلالة تخفيفاً عليه، ولئلا ينسد باب الاجتهاد على أهل العلم والاستنباط، وإلحاق الفروع بالأصول، وقد كان سبق قوله – صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر". وهذا دليل على أنه وكّل بعض الأحكام إلى اجتهاد العلماء، وجعل لهم الأجر على الاجتهاد مع التخفيف عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وفي تركه – صلى الله عليه وآله وسلم- الإنكار على عمر – رضي الله عنه – دليل على استصوابه". فقد بقي – صلى الله عليه وآله وسلم- على قيد الحياة بعد الحديث أربعة أيام من الخميس إلى الاثنين.
وقال الإمام النووي – رضي الله عنه – اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر –ر ضي الله عنه – وفضائله، ودقيق نظره، لأنه خشي أن يكتب – صلى الله عليه وآله وسلم – أموراً ربما عجزوا عنها، واستحقوا العقوبة عليها؛ لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها، فقال عمر – رضي الله عنه-: "حسبنا كتاب الله" لقوله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، وقوله: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فعلم أنّ الله تعالى أكمل دينه، فأمن الضلال على الأمة، وأراد الترفيه على رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم، فكان عمر – رضي الله عنه – أفقه من ابن عباس – رضي الله عنهما- وموافقيه".
ولا بد من الإشارة إلى أنّ قول ابن عباس – رضي الله عنهما- المذكور كما يقول ابن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالى- إنما كان يقوله عندما يحدّث بهذا الحديث، ففي رواية معمر عند المصنف في الاعتصام وغيره: قال عبيد الله فكان ابن عباس – رضي الله عنهما – يقول. وكذا لأحمد – رحمه الله تعالى- من طريق جرير بن حازم عن يونس بن يزيد، وجزم ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في الرد على الرافضي بما قلته".
كما يقول العسقلاني – رحمه الله تعالى – وبكاء ابن عباس – رضي الله عنهما – يحتمل لكونه تذكر وفاة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فتجدّد له الحزن عليه، ويحتمل أن يكون انضاف إلى ذلك ما فات في معتقده من الخير الذي كان يحصل لو كتب ذلك الكتاب، ولذلك أطلق في الرواية الثانية أنّ ذلك رزية ثم بالغ فيها فقال: "كل الرزية" وقوله: "ولا ينبغي عند نبي تنازع" هو من جملة الحديث المرفوع، لأنّ عبيد الله – رحمه الله تعالى- تابعي من الطبقة الثانية، لم يدرك القصة في وقتها؛ لأنه ولد بعد النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بمدة طويلة ثم سمعها من ابن عباس – رضي الله عنهما- بعد ذلك بمدة أخرى والله تعالى أعلم.
4) لا يجوز قطعاً، ولم يحصل ذلك من الصحابة – رضي الله عنهم – وأشير أنّ سيء النية والطويّة يأخذ من الحديث على هواه ليسيء للدين وللصحابة – رضي الله عنهم – ودون أن يفقه الحديث ويتثبت من أهل العلم والاختصاص ونحن مأمورون بذلك قال تعالى: {فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل:43].
وأخيراً أود أن أنبّه أنّ أرقام الأحاديث التي أشار إليها السائل في البخاري غير دقيقة، فالرواية الأولى في باب كتابة العلم الجزء الأول من فتح الباري صفحة (208) ولم ترد أي رواية حول موضوع السؤال (في أرقام الأحاديث المذكورة 2888، 2997، 4168، 5345، 2888، 6932).
وإنما جاءت الروايات في الأحاديث رقم 3168، ج6/ 270، 271، وحديث رقم 4431، 4432، ج8/ 132، وحديث رقم 5669، ج10/ 126، وحديث رقم 7366، ج13/ 336. لذا اقتضى التنويه، والله من القصد وهو الأعلم بالصواب.
الموضوع العقيدة رقم الفتوى 0006
السؤال
ذكر الله سبحانه وتعالى أن عرض الجنة كعرض السموات والأرض وكذلك تحدث عن جهنم وعظمها وأبوابها فكيف يتحدث أهل النار مع أهل الجنة بسؤالهم هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ ثم قولهم لهم أفيضوا علينا
أريد من فضلكم إجابة يقبلها العقل وتليق بعظمة ديننا ولا تضحك علينا الآخرين مثلما أجد في بعض التفاسير المشهورة.
وشكرا والسلام عليكم
الجواب
إن الإيمان هو الأساس، ولا يتحقق إلا بقيام أركانه، وعلى رأسها الإيمان بالله وكتبه ورسله، فيدرك الإنسان عظمة الخالق القائل في كتابه العزيز {وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:28]، له حدوده في القدرة والعلم {وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:85]، فهو بحاجة إلى ما ينير له درب الهداية والرشاد، قال تعالى: {هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً} [الإنسان:1]، {إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان:3]. وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ} [الأنعام:71]. فالإنسان بحاجة إلى أن يستنير برسل الله وكتبه؛ وإلا ضل وحار، وإن أمر الجنة والنار غيب لا يحيط بكنهه عقل لكن قرب له الله عز وجل بما يستطيع أن يدركه ليؤمن باليوم الآخر، قال تعالى: {وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:64]، وهي ركن من أركان الإيمان، وقد أمضى الرسول – صلى الله عليه وسلم – فترة دعوته بمكة المكرّمة في الدعوة إلى التوحيد والإيمان باليوم الآخر، فهما أساس المسير والمصير، وبعد الإيمان يكون التفصيل ومنه هذا السؤال كيف يتحدث أهل النار مع أهل الجنة؟ فأقول إن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا بل إن حياة الإنسان وهو في هذه الدنيا، وحين يكون في رحم أمه لا يقاس بحياته بعد الوضع، وبأطوار حياته حتى مماته؛ ولذا لا نستطيع أن نعرف كيف يتحدث أهل النار مع أهل الجنة إلا بالرجوع إلى كتاب الله تعالى وقد أخبرنا سبحانه بقوله: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} [الأعراف:46]، أي سور أو حاجز بين الجنة والنار ليمنع وصول أثر إحداهما إلى الأخرى، وإن لم يمنع وصول النداء، وقد بين لنا الله سبحانه عن هذا السور فقال تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ} [الحديد:13]، أي باطن السور والباب فيه الرحمة لأنه يلي الجنة، وظاهره من جهته العذاب لأنه يلي النار كما وردت كلمة الحجاب لستر النساء عن الرجال دون أن يحول ذلك في حياتنا الدنيا من وصول النداء، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:53]. كما أشار سبحانه أن من وسائل تبليغ الرسالة للرسول تكليمه من وراء حجاب، فقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} [الشورى:51]، فهل نسأل بما لا يحيط به عقل؟ كيف؟ والله سبحانه يقيم علينا الحجّة ونحن في زمن يخاطب الإنسان غيره رغم وجود الحواجز وبالصوت والصورة حتى وهو في حصنه وخلوته، بل ويكون التكليم بين إنسان يدور في الفضاء أو على سطح القمر... وآخر أو آخرين على سطح الأرض، أو في أعماق البحار...
وإننا نرجع إلى العلماء وأهل الاختصاص في أمور دنيانا ونصدقهم فيما يقولون ونحن نجهل الكثير الكثير عن هذا الكون، بل ونجهل الكثير عن أنفسنا، أفلا نلجأ إلى أهل الاختصاص إذا مرضنا أو جهلنا.. فكيف لا نلجأ إلى الله تعالى فيما لا يعلمه إلا هو، ولا يقدر عليه إلا هو، وإلا فهل نثق بالخلق ولا نثق بالخالق والعياذ بالله.
أما حول قول أهل النار لأهل الجنة أفيضوا علينا... فقد قال تعالى: {وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ} [الأعراف:50].
بداية أقول أنه لا خلاف أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب وقد خاطب الله رسوله فقال تعالى: {نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ* عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 193-195]، وقال تعالى: {إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف:2]، وأقسم الله تعالى بالقرآن الكريم فقال: {وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ* إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف:3]، أي بلغتكم العربية كي تفهموه، وتحيطوا بمعانيه، وتستعملوا فيه عقولكم، وقد أشرت إلى موضوع النداء رغم اختلاف الحال والمكان، وأنه ممكن عقلاً، وإن موضوع النداء يمكن الإحاطة بمعناه من خلال الاستعانة بفهم اللغة، إنه استغاثة صادرة من أهل النار، وقد وقعوا في بلاء عظيم ومنه شدة العطش والجوع، وهم على هذه الحال ينادون أهل الجنة "أفيضوا" والفيض في اللغة حقيقة هو سيلان الماء وانصبابه بقوة، ومجازاً في الكثرة، فإذا حمل على حقيقته كان أصحاب النار طالبين من أصحاب الجنة وتكون "من" بمعنى بعض أو صفة لموصوف محذوف... لأن "أفيضوا" يتعدى بنفسه.
وإذا حمل الفيض على المعنى المجازي، وهو سعة العطاء والسخاء من الماء والرزق، ويكون العطف عطف مفرد على مفرد، ويكون سؤالهم من الطعام مماثلاً لسؤالهم من الماء في الكثرة، فيكون في هذا الحمل تعريض بأن أصحاب الجنة أهل سخاء، وتكون "من" بيانية لمعنى الإفاضة، ويكون فعل "أفيضوا" منزلاً منزلة اللازم فتعلق "من" بفعل "أفيضوا".
وأكرِّر ما أشرت إليه أن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا حتى وإن حصل تشابه في الألفاظ كما قال تعالى: {وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً} [البقرة:25]، ولذا فإن أمر التحريم لا يؤخذ على معناه في الدنيا؛ لأن الدار الآخرة دار جزاء، وليست بدار تكليف.
ولا بد من التأكيد أيضاً أن الأصل والأساس هو حكم الله وهداه، والإيمان به، فهو وحده السبيل المستقيم، قال تعالى: {وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [آل عمران:101]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:52]. أما دعوى ضحك الغير وعدمه فليس بحكم ولا فيصل، وقد نبّأنا الله تعالى بقوله: {إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ} [المطففين:29]، وذلك في الدنيا، وأما في الآخرة فالله تعالى يقول: {فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} [المطففين:34]، وقال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} [الأعراف:53]، فلا يضير الحق قلة اتباعه وكثرة اتباع الباطل كما لا يضير المؤمن كثرة الكافرين والمكذبين، قال تعالى: {فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً} [الإسراء:89]، وقد بيّن الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلّم ذلك بقوله تعالى: {وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103]، وقال تعالى: {فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} [هود:17]، والله من وراء القصد وهو الأعلم بالصواب.
الموضوع العقيدة رقم الفتوى 0007
السؤال
ماهو حال الخضر وهل هو موجود وهل هو نبي ام ولي وهل يجوب البحار والصحارى وهل يلتقي بالناس ويساعدهم وان كان حيا فلما لم يلتق بخير البرية محمد صلى الله عليه وسلم وما هو اسمه الحقيقي
الجواب
اختلف العلماء في حال الخضر فمنهم من قال بأنه حي إلى يوم القيامة لأنه دفن آدم – عليه السلام- بعد خروجهم من الطوفان، فناله دعوة أبيه آدم عليه السلام بطول الحياة، وقيل لشربه من ماء الحياة يجتمع به خواص الأولياء ويأخذون عنه، ومن العلماء من تصدوا لهذا القول، فنفوا بقاء حياته، وقالوا بموته، ومنهم البخاري وإبراهيم الحربي وابن الحسن بن المنادي، والشيخ أبو الفرج بن الجوزي فقد ألف في ذلك كتاباً أسماه "عجالة المنتظر في شرح الخضر" ساق فيه حججاً على موت الخضر منها قول الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ} [الأنبياء:34]، فالخضر إن كان بشراً فقد دخل في هذا العموم لا محالة، ولا يجوز تخصيصه منه إلا بدليل صحيح، والأصل عدمه حتى يثبت، ولم يذكر فيه دليل على التخصيص عن معصوم يجب قوله.
ومنها: قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ} [آل عمران:81]. قال ابن عباس – رضي الله عنهما – ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد – صلى الله عليه وآله وسلم- وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه، فالخضر إن كان نبياً أو ولياً دخل في هذا الميثاق، فلو كان حياً في زمن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم-، لكان أشرف أحواله أن يكون بين يديه يؤمن بما أنزل الله عليه وينصره، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "والذي نفسي بيده لو أنه موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني" وهذا الذي يقطع به، ويعلم من الدين علم الضرورة، وقد دلت عليه هذه الآية الكريمة: أن الأنبياء كلهم لو فرض أنهم أحياء مكلفون في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله، لكانوا كلهم أتباعاً له، وتحت أوامره، وفي عموم شرعه، والمعلوم أن الخضر لم ينقل بسند صحيح، ولا حسن تسكن النفس إليه أنه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم واحد، ولم يشهد معه قتالاً في مشهد من المشاهد، وأولها يوم بدر حين دعا ربه فقال: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض" فلو كان الخضر حياً فإن الله سيعبد لو هلك المؤمنون، ولو كان حياً لكان وقوفه تحت راية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أشرف مقاماته وأشرف غزواته، ثم ما الدافع للخضر على الاختفاء؟ وظهوره أعظم لأجره، وأعلى في مرتبته، وأظهر لمعجزته، ولو كان موجوداً فرضاً بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لكان تبليغه عنه الأحاديث النبوية، والآيات القرآنية، وإنكاره لما وقع من الأحاديث المكذوبة، والروايات المقلوبة، والآراء البدعية، والأهواء العصبية، وقتاله مع المسلمين في غزواتهم، وشهوده جمعهم وجماعاتهم، ونفعه إياهم، ودفعه الضرر عنهم ممن سواهم، وتسديده العلماء والحكام، وتقريره الأدلة والأحكام أفضل مما يقال عنه من كنونه في الأمصار، وجوبه الفيافي والأقطار، واجتماعه بعباد لا يعرف أحوال كثير منهم، وجعله لهم كالنقيب المترجم عنهم.
فالخضر لم يدرك زمن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- ولو فرضنا جدلاً أنه أدركه فإن السنّة النبويّة تقطع بوفاة كل من أدرك الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم- بعد مرور مائة سنة، ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما قال: صلّى رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلّم قام فقال: "أرأيتم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن على ظهر الأرض أحد". وعليه فالخضر غير موجود على قيد الحياة والله تعالى أعلم.
وهل هو نبي أو ولي؟ قيل إنه ولي وقيل إنه نبي والدليل على نبوّته قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً} [الكهف:65]، وقول موسى عليه السلام له كما قال تعالى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً * قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} [الكهف:66-70]، فلو كان ولياً، وليس بنبي لم يخاطبه موسى – عليه السلام - بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى عليه السلام هذا الرد.
ومما يدل على نبوّته إقدامه على قتل الغلام، وما ذلك إلا بوحي من الله تعالى، وبرهان ظاهر على عصمته؛ لأن الولي لا يجوز له شرعاً الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده؛ لأن خاطره ليس بواجب العصمة إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق كما يدل على نبوة الخضر عليه السلام أنه بعد أن فسر لموسى عليه السلام تأويل الأفاعيل التي وردت في سورة الكهف قال بعد ذلك كما قال تعالى: {رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف:82] يدل على أنه تلقى وحياً بذلك، وهذا لا ينافي حصول ولايته والله تعالى أعلم.
أما اسمه الحقيقي: فقد تعددت الروايات في اسمه فقال الحافظ بن عساكر إنه الخضر بن آدم عليه السلام لصلبه، وقال أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني سمعت مشيختنا منهم أبو عبيدة وغيره قالوا: اسمه خضرون بن قابيل بن آدم عليه السلام، وذكر بن قتيبة عن وهب بن منبه أن اسمه ويليا، ويقال بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشر بن سام بن نوح عليه السلام. - وكلمة بليا تعني أحمد وكنيته أبو العباس – وقال إسماعيل بن أبي أويس اسم الخضر فيما بلغنا والله أعلم المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد وقال غيره هو خضرون بن عجاييل بن اليفز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام، ويقال أخو إلياس عليه السلام، وقيل كان ابن بعض من آمن بإبراهيم الخليل عليه السلام وهاجر معه والله تعالى أعلم.
الموضوع العقيدة رقم الفتوى 0012
السؤال
السلام عليكم
امرأة قريبة لي تسال فضيلتكم تقول إن لي ابنت أختي كانت مريضة وأرادت أن تجري عملية جراحية، فهممت أن أساعدها بمبلغ مالي على أن تجريها في مستشفى خاص، لكني تماطلت أو تهاونت، فأجرت العملية في مستشفى عام، فماتت على الفور. والسؤال هو أني أحس بالذنب والإثم من جراء تماطلي، فكأني كنت سببا في موتها، فلم يهدأ لي بال منذ أن ماتت، وأصبت بوسواس كاد أن يفتك بي وبأسرتي. أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الجواب
ان الخالة غير مكلفة بالنفقة على ابنة اختها، والعلاج جزء من النفقة، ويفيد السؤال ان المريضة لم يحصل تقصير نحوها، بل اجريت لها عملية في مستشفى عام، فلو كان تقصير والحالة هذه لكان من اهل الاختصاص، وهو غير وارد، ومع ذلك اقول إن الطبيب والعلاج من أسباب الشفاء، فالشافي هو الله عز وجل، قال تعالى على لسان سيدنا ابراهيم عليه السلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ*وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} [الشعراء:80،81] بل إن المرض سبب من أسباب الموت قدره الله عز وجل، وهو الفاعل الحقيقي، وقد حذرنا الله سبحانه ان نكون كالكفار، فقال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [آل عمران: 156].
ولذا فما ذكر في السؤال من احساس بالذنب و الاثم لا محل له، بل هي مأجورة، ولها حسنة لأنها همت بحسنة، ولتثق ان الأجل بيد الله تعالى القائل في كتابه العزيز: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]، والله تعالى أعلم.
 

 
 (8)  (10) (302)  
  10 9 8 7 6 5 4 3 2 1  مزيد