الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

القراءة:

قرأ ابن عامر، الا الداحوني عن هشام " ما ننسخ " بضم النون وكسر السين. الباقون يفتحها. وقرأ ابن كثير وابو عمرو " ننساها " بفتح النون، والسين، واثبات الهمزة الساكنة بعد السين. الباقون ـ بضم النون، وخفض السين بلا همزة.

اللغة:

النسخ والبدل والخلف نظائر. يقال: نسخ نسخاً، وانتسخ انتساخاً، واستنسخ استنساخاً، وتناسخوا تناسخاً، وناسخ مناسخة. قال ابن دريد: كل شيء خلف شيئاً، فقد انتسخه، ونسخت الشمس الظل، وانتسخ الشيب الشباب. وقال صاحب العين: النسخ ان تزيل امراً كان من قبل يعمل به، ثم تنسخه بحادث غيره. كالآية نزل فيها امر، ثم يخفف الله عن العباد بنسخها بآية اخرى، فالآية الاولى منسوخة، والثانية ناسخة. وتناسخ الورثة أن تموت ورثة بعد ورثة واصل الميراث قائم لم يقسم، وكذلك تناسخ الازمنة من القرون الماضية. واصل الباب: الابدال من الشيء غيره. وقال الرماني: النسخ الرفع، لشيء قد كان يلزمه العمل به إلى بدل، وذلك كنسخ الشمس بالظل لانه يصير بدلا منها ـ في مكانها ـ وهذا ليس بصحيح، لانه ينتقض بمن تلزمه الصلاة قائما ثم يعجز عن القيام، فانه يسقط عنه القيام لعجزه. ولا يسمى العجز ناسخاً، ولا القيام منسوخاً، وينتقض بمن يستبيح بحكم العقل عند من قال بالاباحة، فاذا ورد الشرع يحظره، لا يقال الشرع نسخ حكم العقل، ولا حكم العقل يوصف بانه منسوخ، فاذاً الاولى في ذلك ما ذكرناه في اول الكتاب: وهو ان حقيقة كل دليل شرعي دلّ على ان مثل الحكم الثابت بالنص الاول غير ثابت فيما بعد على وجه لولاه لكان ثابتاً بالنص الاول مع تراخيه عنه، فاذا ثبت ذلك، فالنسخ في الشرع: على ثلاثة اقسام. نسخ الحكم دون اللفظ، ونسخ اللفظ دون الحكم، ونسخهما معاً.

فالاول ـ كقوله:يا أيها النبي حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مائتين } إلى قوله:الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبون مائتين } فكان الفرض الاول وجوب ثبات الواحد للعشرة، فنسخ بثبوت الواحد للاثنين، وغير ذلك من الاي المنسوخ، حكمها، وتلاوتها ثابتة، كآية العدة، واية حبس من يأتي بالفاحشة، وغير ذلك

والثاني ـ كآية الرجم. قيل انها كانت منزلة فرفع لفظها وبقي حكمها.

والثالث ـ هو مجوّز وان لم يقطع بانه كان. وقد روي عن ابي بكر انه كان يقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر

المعنى:

واختلفوا في كيفية النسخ على أربعة اوجه:

قال قوم: يجوز نسخ الحكم والتلاوة من غير افراد واحد منهما عن الآخر.

وقال آخرون: يجوز نسخ الحكم دون التلاوة.

السابقالتالي
2 3 4 5