الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }

[2] منع المشركين دخول المسجد الحرام

التحليل اللفظي

{ نَجَسٌ }: أي قذر، قال الزجاج: يقال لكل شيء مستقذر: نجسٌ.

وقال الفراء: لا تكاد العرب تقول: نَجِسٌ إلا وقبلها رجسٌ، فإذا أفردوها قالوا: نجس.

{ عَيْلَةً }: العيلة: الفقر والفاقة، يقال: عال يعيل عيلةً إذا افتقر، وأعال فهو مُعيل إذا صار صاحب عيال، وقال أبو عبيدة: العيلة مصدر عال بمعنى افتقر وأنشد:
وما يَدْري الفقيرُ متى غِناه   وما يدري الغنيّ متى يَعيل
{ يَدِينُونَ }: من دان الرجل يدين إذا اتخذ الأمر له عقيدة والتزمه تقول: فلان يدين بكذا أي يلتزمه ويعتنقه، والمراد في الآية أنهم لا يلتزمون بدين الحق وهو دين الإسلام.

{ ٱلْجِزْيَةَ }: اسم لما يعطيه المعاهد على عهده. قال ابن الأنباري: هي الخراج المجعول عليهم، سميت جزية لأنها قضاء ما وجب عليهم من قولهم: جزى يجزي إذا قضى.

قال أبو حيان: سميت جزية من جزى يجزي إذا كافأ عما أسدى عليه، فكأنهم أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن، ومن هذا المعنى قول الشاعر:
نجزيكَ أو نُثْني عليكَ وإنّ من   أثنَى عليكَ بما فعلت فقد جزى
{ عَن يَدٍ }: أي يؤدون الجزية عن قهر وذل وطاعة يقال: أعطى يده إذا انقاد، ونزع يده إذا خرج عن الطاعة.

{ صَاغِرُونَ }: الصاغر: الذليل الحقير، والصّغار الذل.

ومعنى الآية: حتى يدفعوا الجزية منقادين طائعين في حال الذل والهوان.

المعنى الإجمالي

يقول الله جل ثناؤه ما معناه: يا أيها المؤمنون المصدّقون بالله ورسوله، إنما المشركون قذر ورجس لخبث بواطنهم، وفساد عقائدهم، فهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ولا يجتنبون النجاسات، فلا تمكنوهم من دخول المسجد الحرام، بعد هذا العام، وإن خفتم - أيها المؤمنون - فقراً أو فاقة بسبب منعكم إياهم من الحج ودخول الحرم، فسوف يغنيكم الله من فضله، ويوسع عليكم من رزقه، حتى لا يدعكم بحاجة إلى أحد وذلك راجع إلى مشيئته جل وعلا إن الله عليم حكيم.

قاتلوا أيها المؤمنون الذين لا يؤمنون بالله ولا برسوله من أهل الكتاب، ولا يصدقون باليوم الآخر على الوجه الذي جاء به رسول الله، ولا يدخلون في دين الإسلام دين الحق، ولا يحرمون ما حرّمه الله ورسوله، من (اليهود والنصارى) حتى يدفعوا لكم الجزية، عن انقياد وطاعة، وذل وخضوع، وهم صاغرون مهينون.

وجوه القراءات

1 - قرأ الجمهور { إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } بفتح الجيم، وقرأ أبو علي حيوة (نِجْسٌ) على وزن رجس، وقرأ ابن السميقع (أنجاسٌ) على صيغة الجمع.

2 - قرأ الجمهور { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً } وقرئ (عائلة) و(عايلة).

سبب النزول

لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم علياً أن يقرأ على مشركي مكة أول سورة براءة، ويَنْبِذَ إليهم عهدهم، وأن يخبرهم أنّ الله بريءٌ من المشركين ورسولهُ، قال أناسٌ: يا أهل مكة ستعلمون ما تلقون من الشدّة وانقطاع السبُل وفقد الحمولات فنزلت الآية الكريمة { إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا.

السابقالتالي
2 3 4 5