الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ }

[1] صلاة الجمعة وأحكامها

التحليل اللفظي

{ نُودِيَ }: النداء: الدعاء بأرفع الصوت تقول: ناديته نداءً ومناداة، وفي الحديث " فإنه أندى صوتاً منك " أي أحسن وأعذب، وقيل: أرفع وأعلى، والمرادُ بالنداء هنا: الأذانُ والإعلام لصلاة الجمعة.

{ ٱلْجُمُعَةِ }: هو اليوم المعروف، وهو يوم عيد المسلمين الأسبوعي قال الفراء: يقال (الجُمْعة) بسكون الميم، و(الجُمُعة) بضم الميم، و(الجُمَعة) بفتح الميم فيكون صفة اليوم، أي تجمع الناس، كما يقال: ضُحَكة للذي يضحك الناس، ففيها ثلاث لغات.

والأفصح الأشهر (الجمُعة) بضم الميم، قال ابن عباس: نزل القرآن بالتثقيل والتفخيم فاقرؤها جُمُعة.

وقد صار يوم الجمعة عَلَماً على اليوم المعروف من أيام الأسبوع، وسميت جمعة لاجتماع الناس فيها للصلاة، وكان العرب تسمي يوم الجمعة (عَروبة) وأول من سمّاها جمعة (كعب بن لؤي).

قال السهيلي: ومعنى العروبة: الرحمة فيما بلغنا عن بعض أهل العلم.

{ فَٱسْعَوْاْ }: السعي: العَدْوُ في المشي والإسراع فيه، والمراد منه في الآية: امشوا إلى الصلاة بدون إفراط في السّرعة لقوله عليه السلام: " إذا أُقيمت الصلاةُ فلا تأتوها وأنتم تَسْعَوْن، وأتُوها وأنتم تَمْشُون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتموا ".

قال الفراء: المضيّ، والسعي، والذهاب، بمعنى واحد واحتج بقولهم: هو يسعى في البلاد يطلب فضل الله، معناه يمضي بجد واجتهاد، وليس معناه: العدو والركض.

واحتج أبو عبيدة: بقول الشاعر:
أسعى على جُلّ بني مالك   كلّ امرئ في شأنه ساعي
وكان ابن مسعود: يقرؤها: (فامضوا إلى ذكر الله) ويقول: " لو كانت من السعي لسعيتُ حتى يسقط ردائي ".

قال القرطبي: وقراءةُ ابن مسعود تفسير منه، لا قراءة قرآن منزل، وجائزٌ قراءة القرآن بالتفسير، في معرض التفسير.

{ ذِكْرِ ٱللَّهِ }: المراد بذكر الله صلاةُ الجمعة، بدليل قوله تعالى: { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَٰوةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } وقيل: المراد به الخطبة.

والصحيح الراجح: أن المراد به (الصلاة، والخطبة) جميعاً لاشتمالهما على ذكر الله.

{ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ }: أي اتركوا البيع، والمعاملة، وسائر أمور التجارة والأعمال.

قال الألوسي: أي اتركوا المعاملة، فيعمّ البيع، والشراء، والإجارة وغيرها من المعاملات.

وقال القرطبي: وخصّ البيع لأنه أكثر ما يشتغل به أصحاب الأسواق.

{ قُضِيَتِ ٱلصَّلَٰوةُ }: أي أديتم الصلاة وفرغتم منها، يقال: قضى الرجل عمله أي أدّاه ومنه قوله تعالى:فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ } [البقرة: 200] أي أديتموها، وقضى دينه أي وفَّاه، وليس من قضاء الفائتة في الصلاة، وقد استدل الفقهاء بهذه الآية الكريمة على أن لفظ (القضاء) يطلق على (الأداء) وهو استدلال لطيف.

{ فَٱنتَشِرُواْ }: أي تفرقوا في الأرض لإقامة مصالحكم، والانتشار معناه التفرق، ومنه قوله تعالى:فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ } [الأحزاب: 53].

{ وَٱبْتَغُواْ }: أي اطلبوا من الابتغاء بمعنى الطلب، قال تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9