الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } * { وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

[1] الظهار وكفارته في الإسلام

التحليل اللفظي

{ سَمِعَ ٱللَّهُ }: السمع والبصر صفتان كالعلم والقدرة، والحياة والإرادة، فهما من صفات الذات لم يزل الخالق سبحانه متصفاً بهما.

ومعنى السميع: المدرك الأصوات من غير أن يكون له أذن لأنها لا تخفى عليه.

قال أبو السعود: ومعنى سمعه تعالى لقولها: إجابة دعائها، لا مجرد علمه تعالى بذلك: كما هو المعنيُّ بقوله تعالى: { وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ } أي يعلم تراجعكما الكلام.

{ تُجَٰدِلُكَ }: أي تراجعك في شأن زوجها، والمجادلة: المناظرة والمخاصمة وفي الحديث: " ما أوتي قوم الجدل إلاّ ضلّوا " والمراد بالحديث الجدل على الباطل، وطلب المغالبة به، لا إظهار الحق فإنّ ذلك محمود لقوله تعالى:وَجَادِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [النحل: 125] والمراد هنا: المراجعة في الكلام.

{ وَتَشْتَكِيۤ }: الشكوى إظهار البث وما انطوت عليه النفس من الهمّ والغم، وفي التنزيل:قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ } [يوسف: 86] وشكا واشتكى بمعنى واحد.

{ تَحَاوُرَكُمآ }: المحاورة المراجعة في الكلام، من حار الشيء يحور حوراً أي رجع يرجع رجوعاً، ومنه حديث: " نعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر " ومنه فما أحار بكلمة أي فما أجاب. قال عنترة:
لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى   ولكان لو علم الكلام مكلّمي
يريد به فرسه أي لو كان يعلم الكلام لكلَّمني.

{ يُظَٰهِرُونَ }: الظهار مشتق من الظهر، وهو قول الرجل لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي. ومعناه الأصلي: مقابلة الظهر بالظهر يقال: ظاهر فلان فلاناً أي قابل ظهره بظهره، ثم استعمل في تحريم الزوجة بجعلها كظهر أمه.

قال الألوسي: الظهار لغة مصدر ظاهر، وهو (مفاعلة) من الظهر، ويراد به معانٍ مختلفة، راجعة إلى الظهر معنى ولفظاً باختلاف الأغراض.

فيقال: ظاهر زيد عمراً أي قابل ظهره بظهره حقيقة.

وظاهره إذا غايظه وإن لم يقابل حقيقة، باعتبار أن المغايظة تقتضي ذلك.

وظاهره إذا ناصره، باعتبار أنه يقال: قوّى ظهره إذا نصره.

وظاهر بين ثوبين إذا لبس أحدهما فوق الآخر.

وظاهر من امرأته إذا قال لها: أنتِ عليّ كظهر أمي.

وهذا الأخير هو المعنى الذي نزلت فيه الآيات.

قال في " الفتح ": " وإنما خصّ الظهر بذلك دون سائر الأعضاء، لأنه محل الركوب غالباً، ولذلك سُمّي المركوب ظهراً، فشبهت المرأة بذلك لأنها مركوب الرجل ".

{ ٱللاَّئِي }: جمع التي، فيقال: اللاتي، واللائي قال تعالى:وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ } [النساء: 34].

{ مُنكَراً }: المنكر من الأمر خلاف المعروف، وكلّ ما قبّحه الشرع وحرّمه وكرهه فهو منكر.

{ وَزُوراً }: الزور: الكذب، والباطل الواضح، ومنه شهادة الزور.

{ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ }: حرّرته أي جعلته حراً لوجه الله. والرقبة في الأصل: العُنُق ثم أطلقت على ذات الإنسان تسمية للشيء ببعضه، والمراد بها المملوك عبداً أو أمة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد