[1] الحرب في الإسلام التحليل اللفظي { أَثْخَنتُمُوهُمْ }: أكثرتم فيهم القتل والجراح، يقال: أثخن العدو: إذا أكثر فيه الجراح، قال في " اللسان ": والإثخان في كل شيء قوّته وشدّته، يقال: قد أثخنه المرض إذا اشتدت قوته عليه ووهَنه، وأثخنته الجراحة: أوهنته، وقوله تعالى:{ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ } [الأنفال: 67] معناه حتى يبالغ في قتل أعدائه. { ٱلْوَثَاقَ }: الوَثاق: في الأصل مصدر كالخلاص، وأريد به هنا ما يوثق به أي ما يربط به كالحبل وغيره. قال في اللسان: والوَثاق اسم الإيثاق، تقول: أوثقته إيثاقاً ووَثاقاً، والحبل أو الشيء الذي يوثق به (وِثاق) والجمع الوُثُق بمنزلة الرّباط والرّبُط. وقال الجوهري: وأوثقه في الوَثَاق: أي شدّه، ومنه قوله تعالى { فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ } والوِثاق بكسر الواو لغة فيه. ا هـ. والمراد في الآية الكريمة: أسر الأعداء لئلا يفلتوا. { مَنًّا }: مصدر منّ ومعناه: أن يطلق سَراح الأسير بدون فداء، وبدون مقابل. قال الشاعر:
ما كان ضرّك لو مَنَنْتَ وربما
منّ الفتى وهو المَغيط المُحْنَقُ
{ فِدَآءً }: مصدر فادى: والفداء أن يطلق الأسير مقابل مالٍ يأخذه منه. قال في اللسان: الفِداء بالكسر: فكاك الأسير، والعرب تقول: فاديت الأسير وتقول: فديته بمالي، وفديته بأبي وأمي، إذا لم يكن أسيراً، وإذا كان أسيراً مملوكاً قلتَ: فاديته، قال الشاعر:
ولكنّني فاديتُ أمّي بعدما
علا الرأسَ منها كَبْرةٌ ومشيبُ
{ أَوْزَارَهَا }: الأوزار جمع وِزْر، وهو في الأصل: الإثم والذنب، ويطلق على الحمل الثقيل، والمراد به آلات الحرب وأثقالها من السلاح، والخيل، والعتاد، وسمي السلاح " أوزاراً " لأنه يُحمل لثقله، قال الأعشى:
وأعددتُ للحرب أوزارها
رماحاً طوالاً، وخيلاً ذكوراً
وإنما جاء الضمير مؤنثاً (أوزارها) لأن الحرب مؤنثة. ومعنى الآية: حتى تنتهي الحرب، وتضع سلاحها، فلا يكون قتال مع المشركين لضعف شوكتهم. { ذَٰلِكَ }: اسم الإشارة " ذلك " جيء به للفصل بين كلامين، وقد كثر في لغة العرب استعمال اسم الإشارة عند الفصل بين كلامين والانتقال من الكلام الأول للثاني، كأنه قيل: ذلك ما كنا نريد أن نقوله في هذا الشأن، ونقول بعده كذا.. وكذا. { لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ }: أي انتصر منهم بدون أن يكلِّفكم بحرب أو قتال، فالله سبحانه قادر على إهلاك الكفار بدون حرب المسلمين لهم، ولكنه ابتلاء من الله سبحانه:{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ } [محمد: 31]. قال الألوسي: قوله تعالى: { وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ } أي لانتقم منهم ببعض أسباب الهلاك من خسفٍ، أو رجفةٍ، أو غرقٍ، أو موتٍ جارف. { لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ }: أي أمركم سبحانه بالحرب { لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ } فيثيب المؤمن ويُكرمه بالشهادة، ويُخزي الكافر بالقتل والعذاب، والابتلاء في اللغة: الامتحان والاختبار. { يُضِلَّ أَعْمَٰلَهُمْ }: أي فلن يضيع أعمالهم بل ستحفظ وتخلّد لهم، ويُجزون عليها الجزاء الأوفى يوم الدين.