الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }

[5] حرمة الصلاة على السكران والجنب

التحليل اللفظي

{ سُكَٰرَىٰ }: قال في " اللسان ": السّكر نقيض الصحو، وأسكره الشراب، والجمع سُكارى وسَكْرى، شبّه بالنّوْكى، والحمقى، والهلْكَى لزوال عقل السكران.

وقال الراغب: السّكْر حالة تعرض بين المرء وعقله، وأكثر ما يستعمل في الشراب، وقد يعتري من الغضب والعشق ولذلك قال الشاعر:
سُكْرانِ سُكْرُ هَوى وسكرُ مُدام   
وأصل السُّكْر من السِّكْر وهو سد مجرى الماء، فبالسّكْر ينسد طريق المعرفة، وسكرةُ الموت شدته.

{ جُنُباً }: الجنب اسم يستوي فيه المذكر والمؤنث، والمفرد والجمع يقال: رجل جنب، ورجال جنب، وأصل الجنابة البعد، ويقال للذي يجب عليه الغسل من حدث الجنابة جنب، لأن جنابته تبعده عن الصلاة وعن المسجد وقراءة القرآن حتى يتطهر.

{ عَابِرِي سَبِيلٍ }: العابر من العبور يقال: عبرت النهر والطريق إذا قطعته من الجانب إلى الجانب الآخر، السبيلُ: الطريقُ ويراد يعابر السبيل المسافر، أو الذي يعبر بالمسجد أي يمر به.

{ ٱلْغَآئِطِ }: الغائط المكان المطئن من الأرض، وكان الرجل إذا أراد قضاء الحاجة طلب منخفضاً من الأرض ليغيب عن عيون الناس، ثمّ كثر ذلك حتى قالوا للحدث غائطاً، فكنّوا به عن الحدث تسمية للشيء باسم مكانه.

{ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ }: اللمس حقيقته المس باليد، وإذا أضيف إلى النساء يراد به الجماع، وقد كثر هذا الاستعمال في لغة العرب، والقرآن قد كنى بالمباشرة والمس عن الجماع في آيات عديدة قال تعالى:مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا } [المجادلة: 3] وقال تعالى:وَلاَ تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَٰجِدِ } [البقرة: 187].

{ فَتَيَمَّمُواْ }: التيمم في اللغة: القصد يقال: تيممته برمحي أي قصدته دون غيره، وأنشد الخليل:
يمّمتُه الرمح شَزْراً ثم قلتُ له   هذي البسالةُ لا لعبُ الزحاليق
وتيمّم البلدة قصد التوجه إليها قال الشاعر:
وما أدري إذا يمّمتُ أرضاً   أريدُ الخير أيّهما يليني
وفي الشرع: مسح الوجه واليدين بالتراب بقصد الطهارة، وقد جمع الشاعر المعنيين بقوله:
تيمّمتُكُم لمّا فقدتُ أولي النّهى   ومن لم يجد (ماءً) تيمَّمَ بالترب
{ صَعِيداً طَيِّباً }: قال الزجاج: الصعيد وجه الأرض تراباً كان أو غيره، قال تعالىوَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } [الكهف: 8] وقال تعالى:فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } [الكهف: 40] أي أرضاً ملساء تنزلق عليها الأقدام، وسمي صعيداً لأنه يصعد من الأرض.

قال صاحب " القاموس ": الصعيد التراب، ووجه الأرض.

قال ابن قتيبة: ومعنى { صَعِيداً طَيِّباً } أي تراباً نظيفاً.

{ فَٱمْسَحُواْ }: قال في " اللسان ": المسحُ إمرارك يدك على الشيء تريد إذهابه، كمسحك رأسك من الماء، وجبينك في الرّشح، مسحه مسحاً وتمسَّح منه وبه.

{ عَفُوّاً غَفُوراً }: أي مسامحاً لعباده، متجاوزاً عمّا صدر منهم من خطأٍ وتقصير.

المعنى الإجمالي

نهى الله عباده المؤمنين عن أداء الصلاة في حالة السكر، لأن هذه الحالة لا يتأتى معها الخشوع والخضوع بمناجاته تعالى بكتابه وذكره ودعائه، وقد كان هذا قبل أن تحرم الخمر، وكان تمهيداً لتحريمه تحريماً باتاً، إذ لا يأمن من شرب الخمر في النهار أن تدركه الصلاة وهو سكران، وقد ورد أنهم كانوا بعد نزولها يشربون بعد العشاء فلا يصبحون إلا وقد زال عنهم السكر.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7