الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } * { وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } * { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } * { وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }

[1] تعدد الزوجات وحكمته في الإسلام

التحليل اللفظي

{ وَبَثَّ مِنْهُمَا }: معناه نشر وفرّق على سبيل التناسل والتوالد، ومنهوَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } [الغاشية: 16] أي مبسوطة، أو مفرقة في المجالس، وأصل البث: التفريق وإثارة الشيء.

{ تَسَآءَلُونَ بِهِ }: معناه يسأل بعضكم بعضاً به مثل: أسألك بالله، وأنشدك الله، والمفاعلة على ظاهرها أو بمعنى تسألون كثيراً.

قال الزجاج: الأصل تتساءلون حذفت الثانية تخفيفاً.

{ وَٱلأَرْحَامَ }: جمع رحم وهو في الأصل مكان تكون الجنين في بطن أمه، ثم أطلق على القرابة مطلقاً.

{ رَقِيباً }: الرقيب: الحفيظ المطلّع على الأعمال والمَرْقب: المكان العالي الذي يشرف عليه الرقيب، والمراد في الآية أنه تعالى مشرف على أعمالنا، مطلّع على أفعالنا، لا تخفى عليه خافية، وهذا إرشاد وأمر بمراقبة الرقيب جل وعلا.

{ ٱلْيَتَامَىٰ }: جمع يتيم وهو الذي فقد أباه مشتق من اليتم وهو الانفراد ومنه (الدرة اليتيمة).

قال في " اللسان ": اليتيم: الذي يموت أبوه، والعجيّ: الذي تموت أمه، واللطيم: الذي يموت أبواه، وهو يتيم حتى يبلغ، فإذا بلغ زال عنه اسم اليتم.

{ حُوباً }: الحُوب: الإثم قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: حُوب بالضم، وتميم يقولونه بالفتح (حَوْب) قال الراغب: الحُوب الإثم، والحَوْبُ المصدر منه، وروي (طلاق أم أيوب حُوْب) وتسميته بذلك لكونه مزجوراً عنه.

قال القرطبي: وأصله الزجر للإبل، فسمي الإثم به لأنه يزجر عنه وفي الحديث " اللهم اغفر حوبتي " أي إثمي.

{ تُقْسِطُواْ }: يُقال: أقسط الرجل إذا عدل، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " المقسطون في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة " ويقال: قسط الرجل إذا جار ومنه قوله تعالى:وَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } [الجن: 15].

فالرباعي بمعنى العدل، والثلاثي بمعنى الظلم.

{ تَعُولُواْ }: معناه تميلوا وتجوروا يقال: عُلْتَ عليّ أي جُرت عليّ، ومنه العول في الفريضة، والعول في الأصل: الميل المحسوس، يقال: عال الميزان إذا مال ثم نقل إلى الميل المعنوي وهو الجور.

وفسّر الإمام الشافعي رحمه الله { أَلاَّ تَعُولُواْ } بمعنى ألا تكثر عيالكم.

{ صَدُقَٰتِهِنَّ }: يعني مهورهن جمع صَدُقة بفتح الصاد وضم الدال، وهي كالصداق بمعنى المهر، قال ابن قتيبة: وفيها لغةٌ أخرى: صُدْقة.

{ نِحْلَةً }: النحلة: الهبة والعطيّة عن طيب نفس أي لا تعطوهن مهورهن وأنتم كارهون، قاله أبو عبيدة، وفسّر بعضهم النّخْلة بمعنى الفريضة والمعنى: وأعطوا النساء مهورهن فريضة من الله محتومة.

{ هَنِيئاً مَّرِيئاً }: صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ، إذا انساغ وانحدر إلى المعدة بدون ضرر.

المعنى الإجمالي

افتتح الله جل ثناؤه سورة النساء بخطاب الناس جميعاً ودعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، منبهاً لهم على قدرته التي خلقهم بها من نفس واحدة وهي (آدم)، وخلق منها زوجها وهي (حواء)، ونشر من تلك النفس وزوجها المخلوقة منها خلائق كثيرين، فالناس جميعاً من أبٍ واحد، وهم إخوة في الإنسانية والنسب، فعلى القوي أن يعطف على الضعيف، وعلى الغني أن يساعد الفقير، حتى يتم بنيان المجتمع الإنساني.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8