الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

[6] الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

التحليل اللفظي

{ يُصَلُّونَ }: الصلاة في اللغة معناها: الدعاء والاستغفار، ومنه قوله تعالى:وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ } [التوبة: 103] أي أدع لهم بالمغفرة والرحمة قال الأعشى:
عليكِ مثلَ الذي صلّيتِ فاغتمضي   نوماً فإنّ لجنب المرء مضطجعاً
أي لك من الدعاء مثل ما دعوتِ لي به.

وسميت الصلاة المفروضة صلاة لما فيها من الدعاء والاستغفار، وتأتي الصلاة بمعنى الرحمة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " اللهمّ صلّ على آل أبي أوفى " ، قال الأزهري: هي بمعنى الرحمة، أي ارحم آل أبي أوفى، وقال الشاعر:
صلّى على عزّة الرحمٰنُ وابنتِها   ليلى وصلّى على جاراتها الأخر
قال ابن عباس: " أراد أنّ الله تعالى يرحمه، والملائكة يدعون له ويبرّكون ".

وقال أبو العالية: " صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاتهم دعاؤهم له ".

{ ٱلنَّبِيِّ }: قال الجوهري: والنبي: المخبر عن الله عز وجلّ، لأنه أنبأ عنه وجمعه أنبياء، وفي " النهاية ": يجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه.

قال سيبويه: ليس أحد من العرب إلاّ ويقول تنبّأ مسيلمة بالهمز، غير أنهم تركوا الهمز في النبي كما تركوه في الذرّية والبريّة، إلا أهل مكة فإنهم يهمزون هذه الأحرف، ثم قال: والهمز في (النبيّ) لغة رديئة، واشتقاقه من نبأ وأنبأ أي أخبر.

وجمع النبيء: أنْبِئَاء ونُبَآء.

قال ابن مرداس:
يا خاتم النّبَآء إنّك مرسلٌ   بالخبر كلّ هُدى السبيل هُداكا
إنّ الإلٰهَ ثَنَى عليك محبةً   في خلقِهِ ومحمّداً أسماكا
أقول: كل ما ورد في القرآن من خطاب للنبي أو الرسول فإنما يقصد به محمد عليه الصلاة والسلام، خاتم الأنبياء والمرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين.

{ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ }: إيذاء اللَّهَ: وصفُه بما لا يليق به جلّ وعلا كقول اليهود: (يد الله مغلولة)، و(عزير بن الله)، وقول النصارى: المسيح ابن الله وأن الله ثالث ثلاثة، وقول كفار قريش: الملائكة بنات الله، وسائر ما لا يرضي الله عز وجلّ من الكفر والعصيان.

وإيذاء الرسول كقولهم عنه بمجنون، شاعر، ساحر، كذّاب، أو إلحاق الأذى به كشجّ وجهه الشريف وكسر رباعيته في أُحد، وأمثال ذلك من الأذى الحسي أو الأذى المعنوي، الذي كان يحلقه به المنافقون والكفار.

{ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ }: اللعن: الطرد والإبعاد من رحمة الله عز وجلّ، قال تعالى:مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } [الأحزاب: 61].

{ بُهْتَاناً }: البهتان: الافتراء والكذب الواضح، وهو من البهت بمعنى التحيّر.

قال في اللسان: بهت الرجل يبهتُه بهتاناً، وباهته: استقبله بأمرٍ يقذفه به وهو منه برئ، والبهتان: الباطل الذي يتحير من بطلانه.

{ مُّبِيناً }: بيناً ظاهراً لأنه واضح الكذب والبهتان، تقول: بان الشيء، وبان الأمر، وبان الحق، إذا ظهر جلياً واتضح، قال الشاعر:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9