الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً }

[5] من آداب الوليمة

التحليل اللفظي

{ يُؤْذَنَ لَكُمْ }: أي تُدْعوا إلى تناول الطعام، والأصل أن يتعدى بـ (في) تقول: أذنت لك في الدخول، ولا تقول أذنت لك إلى الدخول، ولكنّ اللفظ لما ضُمّن معنى (الدعوة) عُدّي بـ (إلى) بدل (في) ومعنى الآية: لا تدخلوا بيوت النبي إلاّ إذا دعيتم إلى تناول الطعام.

قال الزمخشري: (إلا أن يُؤذن) في معنى الظرف تقديره: وقت أن يُؤذن لكم.

{ نَٰظِرِينَ إِنَاهُ }: أي منتظرين نضجه، قال في اللسان: وإنى الشيء: بلوغُه وإدراكه، وفي التنزيل: { غَيْرَ نَٰظِرِينَ إِنَاهُ } أي غير منتظرين نضجه وإدراكه وبلوغه، تقول: أنى يأني إذا نضِج إنىً أي نضجاً، والإنى بكسر الهمزة والقصر: النضجُ. فهو على هذا مصدر مضاف إلى الضمير.

ويرى بعض المفسّرين أنه ظرف بمعنى (حين) وهو مقلوب (آن) بمعنى (حان) فعلى الأول يكون المعنى: غير منتظرين نضجه، وعلى الثاني يكون المعنى: غير منتظرين وقته أي وقت إدراكه ونضجه، وهما متقاربان.

{ فَٱنْتَشِرُواْ }: أي اخرجوا وتفرقوا، يقال انتشر القوم: أي تفرقوا ومنه قوله تعالى:

فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } [الجمعة: 10] أي تفرقوا في الأرض لطلب الرزق والكسب.

{ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ }: معنى الاستئناس: طلب الأنس بالحديث لأن السين والتاء للطلب تقول: استأنَسَ بالحديث: أي طلب الأنس والطمأنينة والسرور به. وتقول: ما بالدار أنيس، أي ليس بها أحد يؤانسك أو يسليّك، وقد كان من عادة الناس أنهم يجلسون بعد الأكل فيتحدثون طويلاً، ويأنسون بحديث بعضهم بعضاً فعلّمهم الله الأدب، وهو أن يتفرقوا بعد تناول الطعام، ولا يثقلوا على أهل البيت، لأن المكث بعده فيه نوع من الإثقال.

{ إِنَّ ذَٰلِكُمْ }: اسم الإشارة راجع إلى الدخول بغير إذن، والمكث عقب الطعام للاستئناس بالحديث، وقيل: هو راجع إلى الأخير خاصة، ومعنى الآية: إن انتظاركم واستئناسكم يؤذي النبي.

{ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ }: أي يستحيي من إخراجكم من بيته، والله لا يستحيي من بيان الحق فهو على حذف مضاف.

{ مَتَٰعاً }: المتاع: الغرض والحاجة كالماعون وغيره، وهو في اللغة: ما يستمتع به حسياً كان كالثوب والقدر والماعون، أو معنوياً كمعرفة الأحكام الشرعية والسؤال عنها، وقد يأتي المتاع بمعنى التمتع بالشيء والانتفاع به كما قال تعالى:وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ } [الحديد: 20] وفي الحديث الشريف: " الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة ".

{ حِجَابٍ }: أي ساتر يستره عن النظر، قال في " اللسان ": حجبَ الشيءَ يحجبُه أي ستره، وقد احتجب وتحجّب إذا اكتنّ من وراء حجاب، وامرأة محجوبة قد سترت بستر، والحجاب: اسم ما احتجب به، وكل ما حال بين شيئين فهو حجاب. قال تعالى:وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } [فصلت: 5].

ومعنى الآية: إذا سألتموهن شيئاً مما يستمتع به وينتفع فاسألوهن من وراء ستر وحجاب.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9