الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ ٱلْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَـلَٰوةِ ٱلْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَـٰبَكُمْ مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَٰوةِ ٱلْعِشَآءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَٰفُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأَيَـٰتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ }

[8] الاستئذان في أوقات الخلوة

التحليل اللفظي

{ لِيَسْتَأْذِنكُمُ }: اللام لام الأمر، واستأذن طلب الإذن، لأن السين والتاء للطلب مثل استنصر طلب النُصرة، واستغفر طلب المغفرة، والاستئذان المذكور في الآية يراد منه الإعلام بالحضور، والسماح للمستأذن بالدخول. والمعنى: ليستأذنْكم في الدخول عليكم عبيدكم وإماؤكم، والصغار من الأطفال.

{ ٱلْحُلُمَ }: بضم اللام الاحتلام ومعناه: الرؤيا في النوم، والحلْم بكسر الحاء الأناة والعقل، تقول: حلُم الرجل بالضم إذا صار حليماً.

وفي " القاموس ": الحُلْم بالضم وبضمتين الرؤيا جمعه أحلام، وحلم به رأى له رؤيا أو رآه في النوم، والحُلْم بالضم والاحتلام: الجماع في النوم والاسم منه الحُلُم كعنق.

وقال الراغب: الحلم زمان البلوغ سمي الحلم لكون صاحبه جديراً بالحِلم أي الأناة وضبط النفس عن هيجان الغضب. والصحيح أن الحلم هنا بمعنى (الجماع في النوم) وهو الاحتلام المعروف، وأن الكلام (كناية) عن البلوغ والإدراك، يقال: بلغ الصبي الحلم أي أصبح في سن البلوغ والتكليف.

{ عَوْرَٰتٍ }: جمع عورة ومعناها الخلل وفي " الصحاح ": أعور الفارس إذا بدا فيه موضع خلل للضرب: وأعور المكان إذا اختل حاله وبدا فيه خلل يخاف منه العدو، ومنه قوله تعالى:يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } [الأحزاب: 13] والأعور المختل العين فسمى الله تعالى كل واحدة من تلك الأحوال عورة لأن الناس يختل حفظهم وتسترهم فيها.

وعورة الإنسان (سوأته) سميت عورة لأنها من العار وذلك لما يلحق في ظهورها من المذمة والعار.

قال القرطبي: وعورات جمع عورة وبابه في التصحيح أن يجيء على فعَلات (بفتح العين) كجَفنة وَجَفَنات ونحو ذلك وسكنوا العين في المعتل كبيضة وبيضات لأن فتحة داع إلى اعتلاله فلم يفتح لذلك.

{ ٱلْعِشَآءِ }: المراد بها العشاء الأخيرة والعرب تسميها العَتَمة وفي حديث مسلم " لا تغلبنّكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها العشاء وهم يُعْتمون بالإبل " والمغرب تسمى العشاء الأولى وفي الحديث: فصلاها (يعني العصر) بين العشاءين المغرب والعشاء.

قال القرطبي: فالله سماها صلاة العشاء فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن تسمى بما سماها الله تعالى به فكأنه نَهْيُ إرشاد إلى ما هو الأولى وليس له جهة التحريم والعرب كانوا يسمونها العتمة وهي الحلبة التي كانوا يحْلِبونها في ذلك الوقت ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم فإنها تعتِم بحلاب الإبل.

أقول: قد ورد تسميتها في الكتاب والسنة (بالعشاء) فالأفضل الاقتصار على ذلك ففي الحديث الصحيح " من صلى العشاء في جماعة فكأنه قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله " كما اشتهر في الشعر تسميتها بالعشاء قال حسان:
فدع هذا ولكن مَن لِطَيْف   يؤرقني إذا ذهب العشاء

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10