الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ } * { ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }

[4] في أعقاب حادثة الإفك

التحليل اللفظي

{ يَأْتَلِ }: أي يحلف من (الأليّة) بمعنى الحلف، ووزنها (يَفْتَعِلْ) ومنه قوله تعالى:لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ } [البقرة: 226] وقال بعضهم: معناه يقصّر من قولك: ألَوْتُ في كذا إذا قصّرت فيه ومنه قوله تعالى:لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً } [آل عمران: 118].

قال الزمخشري: (يأتل) من ائتلى إذا حلف: افتعال من الأليّة، وقيل: من قولهم: ما ألوت جهداً، إذا لم تدّخر منه شيئاً، ويشهد للأول قراءة الحسن: ولا يتألَّ والمعنى: لا يحلفوا على أن لا يحسنوا إلى المستحقين للإحسان.

{ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ }: أصحاب الصلاح والدين، ومعنى الفضل الزيادة والمراد هنا أهل البر والدين والصلاح.

{ وَٱلسَّعَةِ }: المراد بها السعة في الرزق والمال، الذين وسّع الله عليهم وأغناهم من فضله، قال الشاعر:
ومن يك ذا مال فيبخل بفضله   على غيره يستغنى عنه ويذمم
{ أَن يُؤْتُوۤاْ } قال ابن قتيبة معناه: أن لا يؤتوا، وقال القرطبي قوله تعالى: { أَن يُؤْتُوۤاْ } أي ألاّ يؤتوا فحذف (لا) كقول القائل:
فقلتُ يمينُ اللَّه أبرحُ قاعداً   ولو قطعوا رأسي لديكِ وأوصالي
أقول: هذا الحذف وارد في كلام العرب ومثله قوله تعالى:يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } [النساء: 176] أي لئلا تضلّوا أو خشية أن تضلوا.

{ وَلْيَعْفُواْ }: أي يغفروا الزلات، من عفا الربع إذا محي أثره ودرس، فهو محو الذنب حتى يعفو كما يعفو أثر الربع.

{ ٱلْمُحْصَنَاتِ }: العفائف الشريفات الطاهرات، وقد تقدم معنى الإحصان فيما سبق.

{ ٱلْغَافِلاَتِ }: جمع غافلة وهي التي غفلت عن الفاحشة، بحيث لا تخطر ببالها، وقيل: هي السليمة الصدر، النقية القلب، التي ليس فيها دهاء ولا مكر، لأنها لم تجرب الأمور، ولم تزن الأحوال، فلا تفطن لما تفطن له المجرِّبة العارفة.

{ لُعِنُواْ }: اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله عز وجلوَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً } [النساء: 52] وقد يراد به الذكر السَّيِّئ أو الحد (الجلد) كما في هذه الآية حيث أقيم عليهم حد القذف.

{ تَشْهَدُ }: تقر وتعترف، وشهادة الألسنة إقرارها بما تكلموا به من الفرية، وهؤلاء غير الذين يختم على أفواههم. وقال ابن جرير: المعنى أنّ ألسنة بعضهم تشهد على بعض بما كانوا يعملون من القذف والبهتان.

{ يُوَفِّيهِمُ }: التوفية إعطاء الشيء وافياً، يقال: تَوفّى حقه إذا أخذه كاملاً غير منقوص.

{ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ }: أي حسابهم العدل، أو جزاءهم الواجب، والدين في اللغة بمعنى الجزاء، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " إعمل ما شئت كما تدين تدان " أي كما تفعل تجزى.

{ ٱلْخَبِيثَٰتُ لِلْخَبِيثِينَ }: المعنى الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، وهو جمع خبيثة وخبيث، والخبيثُ الذي يعمل الفواحش والمنكرات سمّى خبيثاً لخبث باطنه وسوء عمله قال تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد