الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ }

[3] اللعان بين الزوجين

التحليل اللفظي

{ يَرْمُونَ }: أي يتهمون أزواجهم بالفاحشة، ويقذفونهن بالزنى، وقد تقدم معنى الرمي في الآية السابقة وأن المراد به القذف بالزنى بقرينة اشتراط الأربعة من الشهداء وهنا اشترط أربع شهادات أيضاً.

{ أَزْوَاجَهُمْ }: جمع زوج بمعنى (الزوجة) فإنّ حذف التاء منها أفصح من إثباتها، إلا في الفرائض، قال تعالى:ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ } [الأعراف: 19] وأنكر بعضهم اطلاق لفظ زوجة في العربية وقال هي خطأ والصحيح أنها خلاف الأفصح.

{ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ }: أي الشهادة التي ترفع عنه حدّ القذف أن يحلف أربع مرات بالله أنه صادق فيما رماها به من الزنى والشهادة في اللغة معناها الخبر القاطع، وقد شاع في لسان الشرع استعمال الشهادة بمعنى الإخبار بحق لإنسانٍ على آخر، وتسمى أيضاً بينة.

{ لَعْنَتَ ٱللَّهِ }: أي غضبه ونقمته، وأصل اللعن: الطردُ من رحمة الله عز وجل كما قال تعالى لإبليسوَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [صۤ: 78] وسمي اللعان لعاناً لأن فيه ذكر اللعنة.

{ وَيَدْرَؤُاْ }: أي يدفع والدرء معناه في اللغة: الدفعُ قال تعالى:فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا } [البقرة: 72] أي تخاصمتم في شأنها وأصبح بعضكم يدفع على بعض.

{ ٱلْعَذَابَ }: المراد به العذاب الدنيوي وهو الحد (الجلد أو الرجم) الذي شرع عقوبةً للزاني أو الزانية في الآيات المتقدمة.

{ تَوَّابٌ }: أي كثير التوبة يعود على من رجع عن المعاصي بالرحمة والمغفرة وهي من صِيغِ المبالغة.

{ حَكِيمٌ }: أي يضع الأشياء في مواضعها ويشرع من الأحكام ما فيه مصلحة العباد. ومعنى الآية: لولا فضله ورحمته لعاجلكم بالعقوبة وفضح الكاذب منكم ولكنه تعالى تواب رحيم.

المعنى الإجمالي

يخبر المولى جل وعلا أن من قذف زوجته بالفاحشة واتهمهما بالزنى ولم يكن لديه بينة تثبت صدقة فيما ادعى ولا شهود يشهدون على صحة ما قال فالواجب عليه أن يشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، تقوم مقام الشهداء الأربعة ليدفع عنه (حد القذف) وعليه أيضاً أن يحلف في المرة الخامسة بأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين في رميه لها بالزنى.

وأما المرأة المقذوفة إذا لم تعترف بالذنب، وأرادت التخلص من إقامة (حد الزنى) فعليها أن تحلف أربعة أيمان بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به من الزنى تقوم مقام الشهداء الأربعة في إثبات عفتها، وفي المرة الخامسة عليها أن تحلف بغضب الله وسخطه عليها إن كان زوجها صادقاً في اتهامه لها بالزنى. ثم بين الباري جل وعلا أن هذا التشريع الذي شرعه لعباده وهو تشريع (اللعان بين الزوجين) إنما هو من رحمته بالناس ولطفه بالمذنبين من عباده ولولا ذلك لهتك الستر عنهم ففضحهم وعجّل لهم العقوبة في الدنيا وعذبهم في الآخرة، ولكنه سبحانه رحيم ودود، غفار للذنوب، يقبل توبة العبد إذا أناب

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد