الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

[13] نكاح المشركات

التحليل اللفظي

{ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ }: أي لا تتزوجوا الوثنيات، والمشركة هي التي تعبد الأوثان، وليس لها دين سماوي ومثلها المشرك، وقيل: إنها تعم الكتابيات أيضاً لأن أهل الكتاب مشركون لقوله تعالى:وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ } إلى قوله:سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [التوبة: 30-31].

{ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ }: الأمة: المملوكة بملك اليمين وهي تقابل الحرة، وأصلها (أمو) حذفت لامها على غير قياس وعوّض عنها هاء التأنيث، وتجمع على إماء قال تعالى:وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ } [النور: 32] وقال الشاعر:
أمّا الإماء فلا يدعونني ولداً   إذا تداعى بنو الأَمَوات بالعار
المعنى الإجمالي

يقول الله تعالى ما معناه: لا تتزوجوا - أيها المؤمنون - المشركات حتى يؤمن بالله واليوم الآخر، ولأمة مؤمنة بالله ورسوله أفضل من حرة مشركة، وإن أعجبتكم المشركة بجمالها، ومالها، وسائر ما يوجب الرغبة فيها من حسب، أو جاه، أو سلطان.

ولا تُزوِّجُوا المشركين من نسائكم المؤمنات حتى يؤمنوا بالله ورسوله، ولأن تزوجوهن من عبدٍ مؤمن خيرٌ لكم من أن تزوجوهن من حر مشرك، مهما أعجبكم في الحسب، والنسب، والشرف، فإن هؤلاء - المشركين والمشركات - الذين حرمت عليكم مناكحتهم ومصاهرتهم، يدعونكم إلى ما يؤدي بكم إلى النار، والله يدعو إلى العمل الذي يوجب الجنة، ويوضح حججه وأدلته للناس ليتذكروا فيميزوا بين الخير والشر، والخبيث والطيب.

سبب النزول

أولاً: روي أن هذه الآية نزلت في مرثد بن أبي مرثد الغنوي الذي كان يحمل الأسرى من مكة إلى المدينة، وكانت له في الجاهلية صلة بامرأة تسمى (عَناقاً) فأتته وقالت: ألا تخلوا؟ فقال: ويحك إن الإسلام قد حال بيننا، فقالت: فهل لك أن تتزوج بي؟ قال: نعم ولكن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمره فنزلت الآية.

وتعقّب السيوطي هذه الرواية وذكر أنها ليست سبباً في نزول هذه الآية، وإنما هي سبب في نزول آية النورٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً... } [النور: 3]. الآية.

ثانياً: وروي عن ابن عباس " أن هذه الآية نزلت في (عبد الله بن رواحة) كانت له أمة سوداء، وأنه غضب عليها فلطمها، ثم إنه فزع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما هي يا عبد الله؟ فقال: يا رسول الله: هي تصوم وتصلي وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله، فقال يا عبد الله: هذه مؤمنة، فقال: والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنّها ففعل، فعابه ناس من المسلمين وقالوا: نكح أمة، وكانوا يرغبون في نكاح المشركات رغبة في أحسابهن " ، فنزلت هذه الآية.

وجوه الإعراب

أولاً: قوله تعالى: { حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } حتى بمعنى (إلى أن) و(يؤمن) مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل نصب بـ (حتى) وأصله (يؤمنْنَ).

السابقالتالي
2 3 4