الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } * { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } * { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } * { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }

التحليل اللفظي

{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ }: الحمد هو الثناء بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل.

قال القرطبي: الحمد في كلام العرب معناه: الثناء الكامل، والألف واللام لاستغراق الجنس، فهو - سبحانه - يستحق الحمد بأجمعه، والثناء المطلق. والحمد نقيض الذم. وهو أعم من الشكر، لأن الشكر يكون مقابل النعمة بخلاف الحمد، تقول: حمدت الرجل على شجاعته، وعلى علمه، وتقول: شكرته على إحسانه. والحمد يكون باللسان، وأمّا الشكر فيكون بالقلب، واللسان، والجوارح. قال الشاعر:
أفادتكم النعماء منّي ثلاثة   يدي ولساني والضمير المحجبّا
وذهب الطبري: إلى أن الحمد والشكر بمعنى واحد سواء، لأنك تقول: الحمد لله شكراً.

قال القرطبي: وما ذهب إليه الطبري ليس بمرضي، لأن الحمد ثناء على الممدوح بصفاته من غير سبق إحسان، والشكرُ ثناءٌ على الممدوح بما أولى من الإحسان، وعلى هذا يكون { ٱلْحَمْدُ } أعمّ من الشكر.

{ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }: الربّ في اللغة: مصدر بمعنى التربية، وهي إصلاح شؤون الغير، ورعاية أمره، قال الهروي: يقال لمن قام بإصلاح شيء وإتمامه: قد ربّه، ومنه سميّ (الربانيون) لقيامهم بالكتب.

وفي " الصحّاح ": ربّ فلانٌ ولده يربّه تربية أي ربّاه، والمربون: جمع المربّي.

والرّب: مشتقٌ من التربية، فهو سبحانه وتعالى مدبّر لخلقه ومربيّهم، ويطلق الربّ على معان وهي: (المَالك، والمصلح، والمعبود، والسيّد المطاع) تقول: هذا ربّ الإبل، وربّ الدار، أي مالكها، ولا يقال في غير الله إلا بالإضافة، ففي الحديث الشريف: " لا يقل أحدُكم: أطعمْ ربّك، وضّيْء ربّك، ولا يقل أحدكم ربيّ، وليقل سيّدي ومولاي ".

والربّ: المعبود، ومنه قول الشاعر:
أربّ يبول الثّعلبان برأسه   لقد ذلّ من بالت عليه الثعالب
والربّ: السيّد المطاع، ومنه قوله تعالى:فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً } [يوسف: 41] أي سيّده.

والربّ: المصلح، ومنه قول الشاعر:
يربّ الذي يأتي من الخير إنّه   إذا سئل المعروف زاد وتممّاً
{ ٱلْعَالَمِينَ }: جمع عالَم، والعالم: اسم جنس لا واحد له من لفظه كالرهط والأنام.

قال أبو السعود: العالَم: اسم لما يعلم به كالخاتم والقالب، غلب فيما يعلم به الصانع تبارك وتعالى من المصنوعات.

قال ابن الجوزي: العالم عند أهل العربية: اسم للخلق من مبدئهم إلى منتهاهم، فأمّا أهل النظر، فالعالَم عندهم: اسمٌ يقع على الكون الكلّي المُحْدَث من فلَك، وسماءٍ، وأرضٍ وما بين ذلك وفي اشتقاق العالَم قولان:

أحدهما: أنه من العلم، وهو يقوّي قول أهل اللغة.

والثاني: أنه من العلامة، وهو يقوّي قول أهل النظر.

فكلُ ما في هذا الكون دالّ على وجود الصانع، المدبّر، الحكيم كما قال الشاعر:
فيا عجباً كيف يُعْصى الإلٰه   أم كيف يَجْحده الجاحد؟
ولله في كل تحريكة   وتسكينةٍ أبداً شاهد
وفي كل شيء له آيةٌ   تدلّ على أنّه واحد
قال ابن عباس: (ربّ العالمين أي ربّ الإنس، والجنّ، والملائكة).

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد