الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } * { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } * { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } * { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } * { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } * { وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }

قال ابن عباس { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا }: أي تحركت من أسفلها { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } يعني ألقت ما فيها من الموتى، كقوله تعالى:إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } [الحج: 1]، وكقوله:وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } [الانشقاق: 4]، وفي الحديث: " تلقي الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً " ، وقوله عزَّ وجلَّ: { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } أي استنكر أمرها بعدما كانت قارة ساكنة ثابتة، وهو مستقر على ظهرها أي تقلبت الحال، فصارت متحركة مضطربة، قد جاءها من أمر الله تعالى ما قد أعده لها، من الزلزال الذي لا محيد لها عنه، ثم ألقت ما في بطنها من الأموات من الأولين والآخرين، وحينئذٍ استنكر الناس أمرها، وتبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وبرزوا لله الواحد القهار، وقوله تعالى: { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } أي تحدث بما عمل العاملون على ظهرها، عن أبي هريرة قال: " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } قال: " أتدرون ما أخبارها؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها " ، وفي " معجم الطبراني " ، " تحفظوا من الأرض فإنها أمكم، وإنه ليس من أحد عامل عليها خيراً أو شراً إلاّ وهي مخبرة " وقوله تعالى: { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } قال البخاري: أوحى لها، وأوحى إليها، ووحى لها، ووحى إليها، وكذا قال ابن عباس { أَوْحَىٰ لَهَا } أي أوحى إليها، والظاهر أن هذا مضمن بمعنى أذن لها، وقال ابن عباس: { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } قال، قال لها ربها قولي، فقالت؛ وقال مجاهد { أَوْحَىٰ لَهَا } أي أمرها، وقال القرظي: أمرها أن تنشق عنهم، وقوله تعالى: { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } أي يرجعون عن موقف الحساب { أَشْتَاتاً } أي أنواعاً وأصنافاً ما بين شقي وسعيد، مأمور به إلى الجنة ومأمور به إلى النار، قال ابن جريج: يتصدعون أشتاتاً فلا يجتمعون آخر ما عليهم، وقال السدي { أَشْتَاتاً } فرقاً.

وقوله تعالى: { لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } أي ليجازوا بما عملوه في الدنيا من خير وشر، ولهذا قال: { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }. روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر " الحديث. فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر؟ فقال:

السابقالتالي
2