الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } * { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ } * { عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } * { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } * { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } * { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } * { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } * { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } * { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب }

يخبر تعالى عن الإنسان، أنه ذو أشر وبطر وطغيان، إذا رأى نفسه قد استغنى وكثر ماله، ثم تهدده وتوعده ووعظه فقال: { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } أي إلى الله المصير والمرجع، وسيحاسبك على مالك من أين جمعته وفيم صرفته، عن عبد الله بن مسعود قال: منهومان لا يشبعان: صاحب العلم وصاحب الدنيا، ولا يستويان، فأما صاحب العلم فيزداد رضى الرحمٰن، وأما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان، قال، ثم قرأ عبد الله: { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } ، وقال للآخر:إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } [فاطر: 28]، وقد روي هذا مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " منهومان لا يشبعان: طالب علم، وطالب الدنيا " ، ثم قال تعالى: { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ * عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } نزلت في (أبي جهل) لعنه الله، توعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة عند البيت، فوعظه تعالى بالتي هي أحسن أولاً. فقال: { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } أي فما ظنك إن كان هذا الذي تنهاه على الطريق المستقيمة في فعله { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } بقوله وأنت تزجره وتتوعده على صلاته؟ ولهذا قال: { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ }؟ أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء، ثم قال تعالى متوعداً ومتهدداً { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ } أي لئن لم يرجع عما هو فيه من الشقاق والعناد { لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } أي لنسمنّها سواداً يوم القيامة، ثم قال: { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } يعني ناصية (أبي جهل) كاذبة في مقالها، خاطئة في أفعالها، { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } أي قومه وعشيرته أي ليدعهم يستنصر بهم، { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } وهم ملائكة العذاب حتى يعلم من يغلب، أحزبنا أو حزبه؟ روى البخاري عن ابن عباس قال، قال أبو جهل: " لئن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لئن فعل لأخذته الملائكة " " عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام. فمّر به أبو جهل بن هشام. فقال: يا محمد ألم أنهك عن هذا؟ وتوعّده فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره. فقال: يا محمد بأي شيء تهددني؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي نادياً، فأنزل الله: { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } وقال ابن عباس: لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته " وروى ابن جرير: عن أبي هريرة قال؛ " قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا: نعم، قال، فقال: واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه في التراب، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته، قال: فما فجأهم منه إلاّ وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، قال: فقيل له مالك؟ فقال: إن بيني وبينه خندقاً من نار وهولاً وأجنحة! قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو دنا من لاختطفته الملائكة عضواً عضواً " ، قال: وأنزل الله: { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } "

السابقالتالي
2