الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } * { إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا } * { فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا } * { فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا } * { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا }

يخبر تعالى عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم، بسبب ما كانوا عليه من الطغيان والبغي، فأعقبهم ذلك تكذيباً في قلوبهم بما جاءهم به رسولهم عليه الصلاة والسلام من الهدى واليقين { إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا } أي أشقى القبيلة وهو (قدار بن سالف) عاقر الناقة، وهو الذي قال الله تعالى:فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } [القمر: 29] الآية، وكان هذا الرجل عزيزاً شريفاً في قومه، نسيباً رئيساً مطاعاً، كما قال الإمام أحمد: " خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة، وذكر الذي عقرها، فقال: " { إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا } انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة " " وروى ابن أبي حاتم، عن عمار بن ياسر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: " ألا أحدثك بأشقى الناس؟ " قال: بلى، قال: " رجلان أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذا - يعني قرنه - حتى تبتل منه هذه " يعني لحيته " وقوله تعالى: { فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ } يعني صالحاً عليه السلام { نَاقَةَ ٱللَّهِ } أي احذروا ناقة الله أن تمسوها بسوء، { وَسُقْيَاهَا } أي لا تعتدوا عليها في سقياها فإن لها شرب يوم، ولكم شرب يوم معلوم، قال الله تعالى: { فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا } أي كذبوه فيما جاءهم به، فأعقبهم ذلك أن عقروا الناقة، التي أخرجها الله من الصخرة آية لهم وحجة عليهم، { فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ } أي غضب عليهم فدمّر عليهم، { فَسَوَّاهَا } أي فجعل العقوبة نازلة عليهم على السواء. قال قتادة: بلغنا أن أحيمر ثمود لم يعقر الناقة حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم، فلما اشترك القوم في عقرها دمدم الله عليهم بذنبهم فسواها، وقوله تعالى: { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا } قال ابن عباس: لا يخاف الله من أحد تبعة، وقال الضحّاك والسدي: { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا } أي لم يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع، والقول الأول أولى لدلالة السياق عليه، والله أعلم.