الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

أمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم، كما أمره بن يخفض جناحه لمن اتبعه من المؤمنين وأخبره أن مصير الكفار والمنافقين إلى النار في الدار الآخرة، وقد تقدم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أسياف: سيف للمشركينفَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } [التوبة: 5]، وسيف للكفار أهل الكتابقَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } [التوبة: 29]، وسيف للمنافقين { جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } ، وسيف للبغاةفَقَاتِلُواْ ٱلَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ } [الحجرات: 9]، وهذا يقتضي أنهم يجاهدون بالسيوف إذا أظهروا النفاق). قال ابن مسعود { جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } قال: بيده فإن لم يستطع فليكفهر في وجهه، وقال ابن عباس: أمره الله تعالى بجهاد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان، وأذهب الرفق عنهم، وقال الضحاك: جاهد الكفار بالسيف، واغلظ على المنافقين بالكلام وهو مجاهدتهم، وقال الحسن وقتادة ومجاهد: مجاهدتهم إقامة الحدود عليهم؛ ولا منافاة بين هذه الأقوال، لأنه تارة يؤاخذهم بهذا وتارة بهذا بحسب الأحوال والله أعلم. وقوله: { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ } قال قتادة: نزلت في (عبد الله بن أبي) وذلك أنه اقتتل رجلان، جهني وأنصاري، فعلا الجهني على الأنصاري، فقال عبد الله للأنصار ألا تنصرون أخاكم؟ والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: سمِّن كلبك يأكلك، وقال:لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ } [المنافقون: 8]، فسعى بها رجل من المسلمين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه فسأله، فجعل يحلف بالله ما قاله، فأنزل الله في هذه الآية.

وقال الإمام أبو جعفر بن جرير عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في ظل شجرة، فقال: " إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم - بعيني الشيطان - فإذا جاء فلا تكلموه " فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " علام تشتمني أنت وأصحابك "؟ فانطلق الرجل، فجاءه بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ } الآية " ، وقوله: { وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } قيل أنزلت في الجلاس بن سويد، وذلك أنه همّ بقتل ابن امرأته حين قال لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: في (عبد الله بن أبيّ) همَّ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ورد أن نفراً من المنافقين هموا بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو في غزوة تبوك في بعض تلك الليالي في حال السير، وكانوا بضعة عشر رجلاً، قال الضحاك: ففيهم نزلت هذه الآية، روى الحافظ البيهقي في كتاب " دلائل النبوة "

السابقالتالي
2