الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ }

يقول تعالى: { وَمِنْهُمْ } أي ومن المنافقين { مَّن يَلْمِزُكَ } أي يعيب عليك { فِي } قسم { ٱلصَّدَقَاتِ } إذا فرقتها، ويتهمك في ذلك، وهم المتهمون المأبونون، وهم مع هذا لا ينكرون للدين، وإنما ينكرون لحظ أنفسهم، ولهذا { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } أي يغضبون لأنفسهم، قال قتادة: ومنهم من يطعن عليك في الصدقات، وذكر لنا أن " رجلاً من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهباً وفضة، فقال: يا محمد! والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما عدلت، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " ويلك فمن ذا الذي يعدل عليك بعدي "؟ " وهذا الذي ذكره قتادة يشبه ما رواه الشيخان عن أبي سعيد في قصة (ذي الخويصرة) " لما اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم حين قسم غنائم حنين، فقال له: اعدل، فإنك لم تعدل، فقال: " لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل "؛ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رآه مقفياً: " إنه يخرج من ضِئْضِيء هذا قوم يحفر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء " ، وذكر بقية الحديث. ثم قال تعالى منبهاً لهم على ما هو خير لهم من ذلك { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ } فتضمنت هذه الآية الكريمة أدباً عظيماً وسراً شريفاً، حيث جعل الرضا بما آتاه الله ورسوله، والتوكل على الله وحده، في قوله { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ } ، وكذلك الرغبة إلى الله وحده، في التوفيق لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وامتثال أوامره وترك زواجره، وتصديق أخباره والاقتفاء بآثاره.