الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } * { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ }

قال عون: هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا؟ ناداه العفو قبل المعاتبة، فقال: { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } ، وقال قتادة: عاتبه كما تسمعون، ثم أنزل التي في سورة النور، فرخص له في أن يأذن لهم إن شاء، فقال:فَإِذَا ٱسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ } [النور: 62] الآية. وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في أناس قالوا: استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أذن لكم فاقعدوا، وإن لم يأذن لكم فاقعدوا، ولهذا قال تعالى: { حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ } أي في إبداء الأعذار { وَتَعْلَمَ ٱلْكَاذِبِينَ } يقول تعالى: تعالى: لا تركتهم لما استأذنوك فلم تأذن لأحد منهم في القعود، لتعلم الصادق منهم في إظهار طاعتك من الكاذب، فإنهم قد كانوا مصرين على القعود عن الغزو وإن لم تأذن لهم فيه، ولهذا أخبر تعالى أنه لا يستأذنه في القعود عن الغزو أحد يؤمن بالله ورسوله فقال { لاَ يَسْتَأْذِنُكَ } أي في القعود عن الغزو { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ } لأنهم يرون الجهاد قربة ولما ندبهم إليهم بادروا وامتثلوا { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ } أي في القعود ممن لا عذر له { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي لا يرجون ثواب الله في الدار الآخرة على أعمالهم، { وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ } أي شكت في صحة ما جئتهم به، { فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ } أي يتحيرون، يقدمون رجلاً ويؤخرون أخرى وليست لهم قدم ثابتة في شيء، فهم قوم حيارى هلكى، لا إلى هؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً.