الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

يقول تعالى: وإعلام { مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } وتقدم، وإنذار إلى الناس { يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ } وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكبرها جميعاً { أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } أي برئ منهم أيضاً. ثم دعاهم إلى التوبة إليه فقال: { فَإِن تُبْتُمْ } أي مما أنتم فيه من الشرك والضلال، { فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ } أي استمررتم على ما أنتم عليه { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ } ، بل هو قادر عليكم وأنتم في قبضته وتحت قهره ومشيئته { وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي في الدنيا بالخزي والنكال، وفي الآخرة بالمقامع والأغلال. روى البخاري عن أبي هريرة قال: " بعثني أبو بكر فيمن يؤذن يوم النحر بمنى ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ويوم الحج الأكبر يوم النحر، وإنما قيل الأكبر، ومن أجل قول الناس الحج الأصغر، فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرك " وقال الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: كنت مع (علي بن أبي طالب) حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة فقال: ما كنتم تنادون؟ قال: كنا ننادي أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فإن أجله أو مدته إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحج هذا البيت بعد عامنا هذا مشرك، قال: فكنت أنادي حتى صحل صوتي.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ببراءة مع أبي بكر، فلما بلغ ذا الحليفة قال: " لا يبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي " ، فبعث بها مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه " وعن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه ببراءة قال: يا نبي الله إني لست باللسن ولا بالخطيب، قال: " لا بد لي أن أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت " قال: فإن كان لا بد فسأذهب أنا، قال: " انطلق فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك " ، قال: ثم وضع يده على فيه. وقال محمد بن إسحاق: نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان بعث أبا بكر ليقيم الحج للناس فقيل يا رسول الله: لو بعثت إلى أبي بكر، فقال: " لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي " ، ثم دعا علياً فقال: " اذهب بهذه القصة من سورة براءة وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو له إلى مدته فخرج علي رضي الله عنه على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء، حتى أدرك أبا بكر في الطريق، فلما رآه أبو بكر قال: أمير أو مأمور؟ فقال: بل مأمور، ثم مضيا، فأقام أبو بكر للناس الحج إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية، حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب فأذن بالناس بالذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إلى مدته، فلم يحج بعد ذلك العام مشرك، ولم يطف بالبيت عريان ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان هذا من براءة فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام وأهل المدة إلى الأجل المسمى.

السابقالتالي
2