يقول تعالى: ما ينبغي للمشركين بالله أن يعمروا مساجد الله التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له، وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر أي بحالهم وقالهم: كما قال السدي: لو سألت النصراني ما دينك؟ لقال: نصراني، ولو سألت اليهودي ما دينك؟ لقال: يهودي، { أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } أي بشركهم { وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَالِدُونَ }. ولهذا قال تعالى: { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } فشهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان، قال الله تعالى: { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } " وروى الحافظ أبو بكر البزار عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما عمار المساجد هم أهل الله " ، وعن أنس مرفوعاً يقول الله: وعزتي وجلالي إني لأهم بأهل الأرض عذاباً، فإذا نظرت إلى عمار بيوتي، وإلى المتحابين فيّ، وإلى المستغفرين بالإسحار، صرفت ذلك عنهم. وقال عبد الرزاق عن عمرو بن ميمون الأودي قال: أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم يقولون: إن المساجد بيوت الله في الأرض، وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها، وقال المسعودي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من سمع النداء بالصلاة ثم لم يجب ولم يأت المسجد ويصلي، فلا صلاة له وقد عصى الله ورسوله، قال الله تعالى: { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } ، وقوله: { وَأَقَامَ ٱلصَّلاَةَ } أي التي هي أكبر عبادات البدن { وَآتَىٰ ٱلزَّكَاةَ } أي التي هي أفضل الأعمال المتعدية إلى بر الخلائق، وقوله: { وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ } أي ولم يخف إلا من الله تعالى ولم يخش سواه { فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } ، قال ابن عباس: من وحّد الله وآمن باليوم الآخر { وَأَقَامَ ٱلصَّلاَةَ } يعني الصلوات الخمس { وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ } يقول لم يعبد إلا الله { فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } ، يقول تعالى إن أولئك هم المفلحون كقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم:{ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79]، وهي الشفاعة، وكل " عسى " في القرآن فهي واجبة، وقال محمد بن إسحاق: وعسى من الله حق.