الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

يقول تعالى: ولا ينفق هؤلاء الغزاة في سبيل الله { نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً } أي قليلاً ولا كثيراً، { وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً } أي في السير إلى الأعداء، { إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ } ، ولم يقل هٰهنا به لأن هذه أفعال صادرة عنهم، ولهذا قال: { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، وقد حصل لأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه من هذه الآية الكريمة حظ وافر ونصيب عظيم؛ وذلك لأنه أنفق في هذه الغزوة النفقات الجليلة والأموال الجزيلة، كما روي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فحث على جيش العسرة، فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها، قال: ثم حث فقال عثمان: علي مائة بعير أخرى بأحلاسها وأقتابها قال: ثم نزل مرقاه من المنبر، ثم حث، فقال عثمان بن عفان: علي مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها، قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بيده هكذا يحركها، " ما على عثمان ما عمل بعد هذا " وعن عبد الرحمٰن بن سمرة قال: " جاء عثمان رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة، قال: فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده، ويقول: " ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم " يرددها مراراً " ، وقال قتادة في قوله تعالى: { وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ } الآية، ما ازداد قوم في سبيل الله بعداً من أهليهم إلا ازدادوا قرباً من الله.