الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } * { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ }

" لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال: " أي عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله عزّ وجلّ " ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال: أنا على ملة عبد المطلب! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " ، فنزلت: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } " ، قال: ونزلت فيه:إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } [القصص: 56]. وقال الإمام أحمد، عن ابن بريدة عن أبيه قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن في سفر، فنزل بنا ونحن قريب من ألف راكب، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان، فقام إليه عمر بن الخطاب وفداه بالأب والأم وقال: يا رسول الله ما لك؟ قال: " إني سألت ربي عزّ وجلّ في الاستغفار لأمي فلم يأذن لي، فدمعت عيناي رحمة لها من النار، وإني كنت نهيتكم عن ثلاث: نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها لتذكركم زيارتها خيراً، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث. فكلوا وامسكوا ما شئتم، ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية فاشربوا في أي وعاء شئتم ولا تشربوا مسكراً " ".

وقال ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن مسعود قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً إلى المقابر، فاتبعناه فجاء حتى جلس إلى قبر منها، فناجاه طويلاً ثم بكى فبكينا لبكائه، ثم قال إليه عمر بن الخطاب، فدعاه ثم دعانا فقال: " ما أبكاكم "؟ فقلنا: بكينا لبكائك، قال: " إن القبر الذي جلست عنده قبر آمنة، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي " " ، ثم أورده من وجه آخر وفيه: " وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي وأنزل عليَّ: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } " الآية، فأخذني ما يأخذ الولد للوالد، وكنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة.

وقال ابن عباس في هذه الرواية: كانوا يستغفرون لهم، حتى نزلت هذه الآية فأمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ولم ينهوا أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا، ثم أنزل الله تعالى: { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ } الآية، وقال قتادة في الآية: ذكر لنا أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: " يا نبي الله إن من آبائنا من كان يحسن الجوار، ويصل الأرحام، ويفك العاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " بلى، والله إني لأستغفر لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه "

السابقالتالي
2