الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } * { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } * { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } * { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ } * { ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ } * { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ } * { وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ } * { وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } * { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ }

يقسم تعالى بالسماء وبروجها وهي النجوم العظام، قال ابن عباس: البروج النجوم، وقال يحيى بن رافع: البروج قصور في السماء، وقال المنهال بن عمرو: { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } الخلق الحسن، واختار ابن جرير أنها منازل الشمس والقمر، وهي اثنا عشر برجاً تسير الشمس في كل واحد منها شهراً، ويسير القمر في كل واحد منها يومين وثلثا، فذلك ثمانية وعشرون منزلة ويستسر ليلتين، وقوله تعالى: { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } اختلف المفسرون في ذلك فروي عن أبي هريرة مرفوعاً { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } يوم القيامة، { وَشَاهِدٍ } يوم الجمعة، { وَمَشْهُودٍ } يوم عرفة. روى الإمام أحمد، عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال: " الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة، والموعود يوم القيامة " وعن سعيد بن المسيب أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن سيد الأيام يوم الجمعة، وهو الشاهد، والمشهود يوم عرفة " ، وروى ابن جرير عن ابن عباس قال: الشاهد هو محمد صلى الله عليه وسلم، والمشهود يوم القيامة. ثم قرأ:ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } [هود: 103]. وسأل رجل الحسن بن علي عن { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } فقال: سألت أحداً قبلي؟ قال: نعم، سألت ابن عمر وابن الزبير فقالا: يوم الذبح ويوم الجمعة، فقال: لا، ولكن الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قرأ:فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } [النساء: 41] والمشهود يوم القايمة، ثم قرأ:ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } [هود: 103] وهكذا قال الحسن البصري، وقال مجاهد والضحّاك: الشاهد ابن آدم، والمشهود يوم القيامة؛ وعن عكرمة: الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم، والمشهود يوم الجمعة، وقال ابن عباس: الشاهد الله، والمشهود يوم القيامة، وقال ابن أبي حاتم عن مجاهد عن ابن عباس { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال: الشاهد الإنسان، والمشهود يوم الجمعة، وقال ابن جرير، عن ابن عباس: { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم القيامة، قال ابن جرير: وقال آخرون: { المشهود } يوم الجمعة، لحديث أبي الدرداء قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا من الصلاة يوم الجمعة، فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة " ، وعن سعيد بن جبير: الشاهد الله، وتلا:وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } [النساء: 79، 116، الفتح: 28] والمشهود نحن، وقال الأكثرون على أن الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة.

وقوله تعالى: { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ } أي لعن أصحاب الأُخدود، وجمعه أخاديد وهي الحفر في الأرض، وهذا خبر عن قوم من الكفار عمدوا إلى من عندهم من المؤمنين بالله عزَّ وجلَّ فقهروهم، وأرادوهم أن يرجعوا عن دينهم فأبوا عليهم، فحفروا لهم في الأرض أُخدوداً، وأججوا فيه ناراً، وأعدوا لها وقوداً يسعرونها به، ثم أرادوهم فلم يقبلوا منهم، فقذفوهم فيها، ولهذا قال تعالى: { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ * ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ } أي مشاهدون لما يفعل بأولئك المؤمنين * قال الله تعالى: { وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } أي وما كان لهم عندهم ذنب إلاّ إيمانهم بالله { ٱلْعَزِيزِ } الذي لا يضام من لاذ بجنابه، { ٱلْحَمِيدِ } في جميع أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، ثم قال تعالى: { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } من تمام الصفة أنه المالك لجميع السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، { وَٱللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } أي لا يغيب عنه شيء في جميع السماوات والأرض، ولا تخفى عليه خافية، وقد اختلف أهل التفسير في أهل هذه القصة من هم؟ فعن علي أنهم أهل فارس، حين أراد ملكهم تحليل تزويج المحارم فامتنع عليه علماؤهم، فعمد إلى حفر أُخدود، فقذف فيه من أنكر عليه منهم، واستمر فيهم تحليل المحارم إلى اليوم.

السابقالتالي
2 3