الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } * { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } * { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } * { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } * { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } * { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } * { كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } * { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } * { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً } * { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } * { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } * { وَعِنَباً وَقَضْباً } * { وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً } * { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } * { وَفَاكِهَةً وَأَبّاً } * { مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ }

يقول تعالى ذاماً لمن أنكر البعث والنشور من بني آدم: { قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } ، قال ابن عباس: لعن الإنسان، وهذا الجنس الإنسان المكذب لكثرة تكذيبه { مَآ أَكْفَرَهُ } أي ما أشد كفره، وقال ابن جرير: ويحتمل أن يكون المراد أي شيء جعله كافراً أي ما حمله على التكذيب بالمعاد؟ وقال قتادة: { مَآ أَكْفَرَهُ } ما ألعنه، ثم بين تعالى له كيف خلقه من الشيء الحقير، وأنه قادر على إعادته كما بدأه فقال تعالى: { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } أي قدّر أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } قال ابن عباس: ثم يسر عليه خروجه من بطن أمه، وقال مجاهد: هذه كقوله تعالى:إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } [الإنسان: 3] أي بيناه له وأوضحناه وسهلنا عليه علمه، وهذا هو الأرجح والله أعلم، وقوله تعالى: { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } أي أنه بعد خلقه له { أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } أي جعله ذا قبر، والعرب تقول قبرت الرجل إذا ولي ذلك منه. وأقبره الله، وطردت عني فلاناً وأطرده الله، أي جعله طريداً، وقوله تعالى: { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } أي بعثه بعد موته، ومنه يقال البعث والنشور، عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " " يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه " ، قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال: " مثل حبة خردل منه تنشأون " " وهذا الحديث ثابت في الصحيحين بدون هذه الزيادة، ولفظه: " كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب " ، وقوله تعالى: { كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } قال ابن جرير: يقول جل ثناؤه كلا ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر من أنه قد أدى حق الله عليه في نفسه وماله، { لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } يقول: لم يؤد ما فرض عليه من الفرائض لربه عزّ وجلّ، عن مجاهد قال: لا يقضي أحد أبداً كل ما افترض عليه.

وقوله تعالى: { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } فيه امتنان، وفيه استدلال بإحياء النبات من الأرض الهامدة، على إحياء الأجسام بعدما كانت عظاماً بالية وتراباً متمزقاً، { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً } أي أنزلناه من السماء على الأرض، { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } أي أسكناه فيها فيدخل في تخومها، فنبت وارتفع وظهر على وجه الأرض، { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً } ، فالحب كل ما يذكر من الحبوب، والعنب معروف، والقضب هو الفصفصة التي تأكلها الدواب رطبة، ويقال لها القت أيضاً، قال ذلك ابن عباس وقتادة، وقال الحسن البصري: القضب العلف، { وَزَيْتُوناً } وهو معروف، وهو أدم وعصيره أدم، ويستصبح به ويدهن به، { وَنَخْلاً } يؤكل بلحاً وبسراً، ورطباً وتمراً، ونيئاً ومطبوخاً، ويعتصر منه رب وخل.

السابقالتالي
2