الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ } * { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { وَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ }

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ } أي عما هم فيه من الكفر والمشاقة والعناد ويدخلوا في الإسلام والطاعة والإنابة يغفر لهم ما قد سلف: أي من كفرهم وذنوبهم وخطاياهم، كما جاء في " الصحيح ": " من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالاول والآخر " وفي الصحيح أيضاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الإسلام يجبُّ ما قبله والتوبة تجبُّ ما كان قبلها " وقوله: { وَإِنْ يَعُودُواْ } أي يستمروا على ما هم فيه، { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ }: أي فقد مضت سنتنا في الأولين أنهم إذا كذبوا واستمروا على عنادهم أنا نعاجلهم بالعذاب والعقوبة، قال مجاهد في قوله: { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ } أي في قريش يوم بدر وغيرها من الأمم، وقوله تعالى: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله } ، قال البخاري عن ابن عمر: أن رجلاً جاء فقال: يا أبا عبد الرحمٰن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه:وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } [الحجرات: 9] الآية، فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟ فقال: يا ابن أخي أعيَّر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إليّ من أن أعيّر بالآية التي يقول الله، قال عزَّ وجلَّ:وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً } [النساء: 93] إلى آخر الآية. قال فإن الله تعالى يقول: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } ، قال ابن عمر: قد فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان الإسلام قليلاً، وكان الرجل يفتن في دينه، إما أن يقتلوه وإما أن يوثقوه، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة، فلما رأى أنه لا يوافقه فيما يريد، قال: فما قولكم في علي وعثمان؟ قال ابن عمر: أما عثمان فكان الله قد عفا عنه وكرهتم أن يعفو الله عنه، وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأشار بيده، وهذه ابنته أو بنته حيث ترون. وأتى رجلان في فتنة ابن الزبير إلى ابن عمر فقالا: إن الناس قد صنعوا ما ترى وأنت ابن عمر بن الخطاب وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج؟ قال: يمنعني الله أن حرم عليَّ دم المسلم، قالوا: أولم يقل الله: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله } قال: قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين كله لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة، ويكون الدين لغير الله.

وقال الضحاك عن ابن عباس: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } يعني لا يكون شرك.

السابقالتالي
2