الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ } * { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ مَا سَعَىٰ } * { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ } * { فَأَمَّا مَن طَغَىٰ } * { وَآثَرَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } * { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } * { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا } * { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا } * { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَٰهَآ } * { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا } * { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَٰهَا }

يقول تعالى: { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ } وهو يقوم القيامة، قاله ابن عباس سميت بذلك، لأنها تطم على كل أمر هائل مفظع، كما قال تعالى:وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ } [القمر: 46]، { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ مَا سَعَىٰ } أي حينئذٍ يتذكر ابن آدم جميع عمله، خيره وشره كما قال تعالى:يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } [الفجر: 23]، و { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ } أي أظهرت للناظرين فرآها الناس عياناً، { فَأَمَّا مَن طَغَىٰ } أي تمرد وعتا، { وَآثَرَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } أي قدمها على أمر دينه وأُخراه، { فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } ، أي فإن مصيره إلى الجحيم وإن مطعمه من الزقوم ومشربه من الحميم، { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } أي خاف القيام بين يدي الله عز وجل، وخاف حكم الله فيه، ونهى نفسه عن هواها، وردها إلى طاعة مولاها، { فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } أي منقلبه ومصيره إلى الجنة الفيحاء، ثم قال تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ } أي ليس علمها إليك ولا إلى أحد من الخلق، بل مردها ومرجعها إلى الله عزَّ وجلَّ، فهو الذي يعلم وقتها على التعيينقُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } [الأحزاب: 63]، وقال هٰهنا: { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ } ، ولهذا " لما سأل جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة؟ قال: " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل " " ، وقوله تعالى: { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا } أي إنما بعثتك لتنذر الناس، وتحذرهم من بأس الله وعذابه، فمن خشي الله وخاف مقامه ووعيده اتبعك فأفلح وأنجح، والخيبة والخسار على من كَذَّبك وخالفك، وقوله تعالى: { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } أي إذا قاموا من قبورهم إلى المحشر يستقصرون مدة الحياة الدنيا، حتى كأنها عندهم كانت عشية من يوم أو ضحى من يوم، قال ابن عباس: أما عشية فما بين الظهر إلى غروب الشمس، { أَوْ ضُحَاهَا } ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار، وقال قتادة: وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الآخرة.