الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } * { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } * { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً } * { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } * { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } * { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } * { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } * { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } * { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } * { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً } * { لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً } * { وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً }

يقول تعالى منكراً على المشركين في تساؤلهم عن يوم القيامة إنكاراً لوقوعها: { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } أي: عن أي شيء يتساءلون عن أمر القيامة، وهو النبأ العظيم: يعني الخبر الهائل المفظع الباهر، قال قتادة: النبأ العظيم: البعث بعد الموت، وقال مجاهد: هو القرآن، والأظهر الأول، لقوله: { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } يعني الناس فيه مؤمن به وكافر، ثم قال تعالى متوعداً لمنكري القيامة: { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، ثم شرع تبارك وتعالى يبين قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة، الدالة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد وغيره، فقال: { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَاداً } أي ممهدة للخلائق ذلولاً لهم، قارة ساكنة ثابتة { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } أي جعلها لها أوتاداً، أرساها بها وثبتها وقررها، حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها، ثم قال تعالى: { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } يعني ذكراً وأنثى، يتمتع كل منهما بالآخر، ويحصل التناسل بذلك كقوله:وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } [الروم: 21]، وقوله تعالى: { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } أي قطعاً للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد، والسعي في المعايش في عرض النهار، { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } إي يغشى الناس بظلامه وسواده، كما قال:وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } [الشمس: 4]، وقال قتادة { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } أي سكناً، وقوله تعالى: { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } أي جعلناه مشرقاً نيراً مضيئاً ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء للمعاش والتكسب والتجارات وغير ذلك.

وقوله تعالى: { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } يعني السماوات السبع في اتساعها وارتفاعها، وإحكامها وإتقانها وتزيينها بالكواكب الثوابت والسيارات، ولهذا قال تعالى: { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } يعني الشمس المنيرة على جميع العالم التي يتوهج ضوءها لأهل الأرض كلهم، وقوله تعالى: { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً } قال ابن عباس: المعصرات: الرياح، تستدر المطر من السحاب، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: من المعصرات أي من السحاب، وقال الفراء: هي السحاب التي تتحلب بالمطر ولم تمطر بعد، كما يقال: امرأة معصر إذا دنا حيضها ولم تحض، وعن الحسن وقتادة: { مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ } يعني السماوات وهذا قول غريب، والأظهر أن المراد بالمعصرات السحاب، كما قال تعالى:ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } [الروم: 48] أي من بينه، وقوله جلَّ وعلا: { مَآءً ثَجَّاجاً } قال مجاهد: { ثَجَّاجاً }: منصباً، وقال الثوري: متتابعاً، وقال ابن زيد: كثيراً، قال ابن جرير: ولا يعرف في كلام العرب في صفة الكثرة الثج، وإنما الثج الصب المتتابع، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2