يقول تعالى: { وَٱلْوَزْنُ } أي للأعمال يوم القيامة { ٱلْحَقُّ } أي لا يظلم تعالى أحداً، كقوله:{ وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ } [الأنبياء: 47]، وقال تعالى:{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } [النساء: 40]، وقال تعالى:{ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [القارعة: 6-7]، وقال تعالى:{ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } [المؤمنون: 102-103]. (فصل) والذي يوضع في الميزان يوم القيامة قيل: الأعمال وإن كانت أعراضاً، إلا أن الله تعالى يقبلها يوم القيامة أجساماً، يروى هذا عن ابن عباس، كما جاء في " الصحيح " " من أن البقرة وآل عمران يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف " ، وقيل: يوزن كتاب الأعمال، كما جاء في حديث البطاقة، في الرجل الذي يؤتى به ويوضع له في كفة تسعة وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر، ثم يؤتى بتلك البطاقة فيها: لا إله إلا الله، الحديث، وقيل: يوزن صاحب العمل كما في الحديث: " يؤتى يوم القيامة بالرجل السمين فلا يزن عند الله جناح بعوضة " ، ثم قرأ:{ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } [الكهف: 105]، وفي مناقب عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أتعجبون من دقة ساقيه والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد " ، وقد يمكن الجمع بين هذه الآثار بأن يكون ذلك كله صحيحاً، فتارة توزن الأعمال، وتارة توزن محالها، وتارة يوزن فاعلها، والله أعلم.