الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ }

يخبر تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه يوم القيامة بيمينه، وفرحه بذلك وأنه من شدة فرحه يقول لكل من لقيه: { هَآؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ } أي خذوا اقرأوا كتابيه، لأنه يعلم أن الذي فيه خير وحسنات محضة، لأنه ممن بدل الله سيئاته حسنات، وعن عبد الله بن عبد الله بن حنظلة (غسيل الملائكة) قال: إن الله يوقف عبده يوم القيامة فيبدي أي يظهر سيئاته في ظهر صحيفته، فيقول له: أنت عملت هذا فيقول: نعم أي رب، فيقول له: إني لم أفضحك به وإني قد غفرت لك، فيقول عند ذلك: { هَآؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ } ، { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } حين نجا من فضيحته يوم القيامة، وقد تقدم في الصحيح حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يدني الله العبد يوم القيامة فيقرره بذنوبه كلها، حتى إذا رأى أنه قد هلك، قال الله تعالى: إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين " ، وقوله تعالى: { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } أي قد كنت موقناً في الدنيا، أن هذا اليوم كائن لا محالة، كما قال تعالى:ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمْ } [البقرة: 46]، قال تعالى: { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } أي مرضية، { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } أي رفيعة قصورها، حسان حورها، نعيمة دُورها، دائم حبورها، روى ابن أبي حاتم، عن أبي أمامة قال: " سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل يتزاور أهل الجنة؟ قال: " نعم. إنه ليهبط أهل الدرجة العليا إلى أهل الدرجة السفلى فيحيونهم ويسلمون عليهم ولا يستطيع أهل الدرجة السفلى يصعدون إلى الأعلين تقصر بهم أعمالهم " " ، وقد ثبت في الصحيح: " أن الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض " وقوله تعالى: { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } قال البراء بن عازب: أي قريبة يتناولها أحدهم وهو نائم على سريره، وكذا قال غير واحد، روى الطبراني، عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل أحد الجنة إلا بجواز: بسم الله الرحمٰن الرحيم هذا كتاب من الله لفلان بن فلان أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية " ؛ وفي رواية: " يعطى المؤمن جوازاً على الصراط: بسم الله الرحمٰن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لفلان: أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية " ، وقوله تعالى: { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } أي يقال لهم ذلك تفضلاً عليهم وامتناناً، وإنعاماً وإحساناً، وإلا فقد ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " " اعملوا وسددوا وقاربوا واعلموا أن أحداً منكم لن يدخله عمله الجنة " قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " ".