الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } * { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } * { هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } * { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ }

يقول تعالى: كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشرع المستقيم، والخلق العظيم { فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ * وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } قال ابن عباس: لو ترخص لهم فيرخصون، وقال مجاهد: تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق، ثم قال تعالى: { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته، يجترىء على أسماء الله تعالى، باستعمالها في كل وقت في غير محلها، قال ابن عباس: المهين الكاذب، وقال الحسن: { كُلَّ حَلاَّفٍ } مكابر { مَّهِينٍ } ضعيف، وقوله تعالى: { هَمَّازٍ } يعني الاغتياب، { مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } يعني الذي يمشي بين الناس ويحرش بينهم، وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة، وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس قال: " مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال: " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرىء من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " " وعن همام بن الحارث قال: " مر رجل على حذيفة فقيل: إن هذا يرفع الحديث إلى الأمراء، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول: " لا يدخل الجنة قتات " " وعن أبي وائل قال: " بلغ حذيفة عن رجل أنه ينم الحديث فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل الجنة نمام " " ، وروى الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد بن السكن " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أخبركم بخياركم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " الذين إذا رؤوا ذكر الله عزَّ وجلَّ " ، ثم قال: " ألا أخبركم بشراركم؟ المشاءون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العَنَت " ".

وقوله تعالى: { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } أي يمنع ما عليه وما لديه من الخير { مُعْتَدٍ } في تناول ما أحل الله له، يتجاوز فيها الحد المشروع، { أَثِيمٍ } أي يتناول المحرمات، وقوله تعالى: { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } أما العتل فهو الفظ الغليظ، الجموع المنوع. روى الإمام أحمد، عن حارثة بن وهب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أنبئكم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر " وفي رواية: " كل جواظ جعظري مستكبر " ، وفي أخرى لأحمد: " كل جعظري، جواظ مستكبر، جمّاع، منّاع " وفي الحديث: " تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه، وأرحب جوفه، وأعطاه من الدنيا هضماً، فكان للناس ظلوماً، فذلك العتل الزنيم " ، فالعتل هو الشديد القوي في المأكل والمشرب والمنكح وغير ذلك، وأما الزنيم في لغة العرب فهو الدعي في القوم، ومنه قول (حسان بن ثابت) يذم بعض كفّار قريش:

السابقالتالي
2