الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } * { أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } * { وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ } * { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ }

وهذا أيضاً من لطفه ورحمته بخلقه، أنه قادر على تعذيبهم بسبب كفر بعضهم، وهو مع هذا يحلم ويصفح، ويؤجل ولا يعجل، كما قال تعالى:وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ } [فاطر: 45] الآية، وقال هٰهنا: { أَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } أي تذهب وتجيء وتضطرب، { أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً } أي ريحاً فيها حصباء تدمغكم كما قال تعالى:أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً } [الإسراء: 68]، وهكذا توعدهم هٰهنا بقوله: { فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } أي كيف يكون إنذاري، وعاقبة من تخلف عنه وكذب به، ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي من الأمم السالفة والقرون الخالية، { فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ } أي فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم؟ أي عظيماً شديداً أليماً، ثم قال تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ } أي تارة يصففن أجنحتهن في الهواء، وتارة تجمع جناحاً وتنشر جناحاً، { مَا يُمْسِكُهُنَّ } أي في الجو { إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ } أي بما سخر لهن من الهواء من رحمته ولطفه، { إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ } أي بما يصلح كل شيء من مخلوقاته. وهذه كقوله تعالى:أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل: 79].