الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ }

يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفّار والمنافقين هؤلاء بالسلاح والقتال، وهؤلاء بإقامة الحدود عليهم { وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } أي في الدنيا، { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } أي في الآخرة، ثم قال تعالى: { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم أن ذلك لا يجدي عنهم شيئاً، إن لم يكن الإيمان حاصلاً في قلوبهم، ثم ذكر المثل فقال: { ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ } أي نبيين رسولين عندهما في صحبتهما ليلاً ونهاراً، يؤاكلانهما ويضاجعانهما ويعاشرانهما أشد العشر والاختلاط، { فَخَانَتَاهُمَا } أي في الإيمان لم يوافقاهما على الإيمان، ولا صدقاهما في الرسالة، فلم يجد ذلك كله شيئاً ولا دفع عنهما محذوراً، ولهذا قال تعالى: { فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } أي لكفرهما، { وَقِيلَ } أي للمرأتين { ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } ، وليس المراد بقوله { فَخَانَتَاهُمَا } في فاحشة بل في الدين، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء، كما قدمنا في سورة النور، قال ابن عباس { فَخَانَتَاهُمَا } قال: ما زنتا، أما خيانة امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل قومها على أضيافه، وقال الضحّاك: عن ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما في الدين.