الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } * { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } * { هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } * { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

يقول تعالى مخبراً عن المنافقين عليهم لعائن الله أنهم { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ } أي صدوا وأعرضوا عما قيل لهم استكباراً عن ذلك واحتقاراً لما قيل لهم، ولهذا قال تعالى: { وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } ثم جازاهم على ذلك فقال تعالى: { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ }. عن سفيان { لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ } حوّل سفيان وجهه على يمينه، ونظر بعينه شزراً، ثم قال: هو هذا، وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في (عبد الله بن أبي سلول) كما سنورده قريباً إن شاء الله تعالى. قال قتادة والسدي: " أنزلت هذه الآية في عبد الله بن أُبي، وذلك أن غلاماً من قرابته انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحدثه بحديث عنه وأمر شديد، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يحلف بالله ويتبرأ من ذلك، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام فلاموه وعزلوه وأنزل الله فيه ما تسمعون، وقيل لعدو الله: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يلوي رأسه، أي لست فاعلاً ".

وقال أبو إسحاق في قصة بني المصطلق: " فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم هناك اقتتل على الماء (جهجاه بن سعيد الغفاري) وكان أجيراً لعمر بن الخطاب و(سنان بن يزيد)، فقال سنان: يا معشر الأنصار، وقال الجهجاه: يا معشر المهاجرين، وزيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند (عبد الله بن أُبي) فلما سمعها قال: قد ثاورونا في بلادنا والله ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل: سمّن كلبك يأكلك، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ثم أقبل على من عنده من قومه، وقال: هذا ما صنعتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو كففتم عنهم لتحولوا عنكم من بلادكم إلى غيرها، فسمعها (زيد بن أرقم) رضي الله عنه فذهب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو غليم عنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأخبره الخبر، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله! مر عباد من بشر فليضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فكيف إذا تحدث الناس يا عمر أن محمداً يقتل أصحابه، لا، ولكن ناد يا عمر: الرحيل " ، فلما بلغ عبد الله بن أُبي أن ذلك قد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتاه فاعتذر إليه، وحلف بالله ما قال، ما قال عليه (زيد بن أرقم) وكان عند قومه بمكان، فقالوا: يا رسول الله عسى أن يكون هذا الغلام أوهم ولم يثبت ما قال الرجل، وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجراً في ساعة كان لا يروح فيها، فلقيه (أسيد بن الحضير) رضي الله عنه، فسلم عليه بتحية النبوة، ثم قال: والله لقد رحت في ساعة مبكرة ما كنت تروح فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما بلغك ما قال صاحبك ابن أُبي؟ زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج الأعز منها الأذل " ، قال: فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل، ثم قال: ارفق به يا رسول الله، فوالله لقد جاء الله بك، وإنا لننظم له الخرز لنتوجه، فإنه ليرى أن قد سلبته ملكاً، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس حتى أمسوا وليلته حتى أصبحوا، وصدر يومه حتى اشتد الضحى، ثم نزل بالناس ليشغلهم عما كان من الحديث، فلم يأمن الناس أن وجدوا مس الأرض فناموا "

السابقالتالي
2 3