الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } * { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }

يقول تعالى مخبراً عن عبده ورسوله وكليمه (موسى بن عمران) عليه السلام أنه قال لقومه: { لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ } ، أي لم توصلون الأذى إليَّ وأنتم تعلمون صدقي فيما جئتكم به من الرسالة؟ وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أصابه من الكفّار. وقوله تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } أي فلما عدلوا عن اتباع الحق مع علمهم به، أزاغ الله قلوبهم عن الهدى، وأسكنها الشك والحيرة والخذلان، كما قال تعالى:وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [الأنعام: 110]، وقال تعالى:وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } [النساء: 115]، ولهذا قال تعالى في هذه الآية: { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } وقوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ } يعني التوراة، وقد بشرت بي وأنا مصداق ما أخبرت عنه، وأنا مبشر بمن بعدي وهو الرسول النبي الأمي العربي المكي (أحمد) فعيسى عليه السلام هو خاتم أنبياء بني إسرائيل، وقد أقام في ملأ بني إسرائيل مبشراً بمحمد وهو أحمد خاتم الأنبياء والمرسلين الذي لا رسالة بعده ولا نبوة. وما أحسن ما أورد البخاري، عن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن لي أسماء، أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب " قال ابن عباس: ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه العهد، لئن بعث محمد وهو حي ليتبعنه، وأخذ عليه أن يأخذ على أُمّته لئن بعت محمد وهم أحياء ليتبعنه وينصرنه.

وقال محمد بن إسحاق، عن خالد بن معدان، عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك، قال: " " دعوة أبي إبراهيم، وبُشْرى عيسى، ورأت أُمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني عند الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى بي، ورؤيا أُمّي التي رأت وكذلك أُمَّهات النبيين يرين " " وروى أحمد عن أبي أمامة قال، قلت: " يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟ قال: " دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أُمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام "

السابقالتالي
2