الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } * { قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلظَّٰلِمُونَ } * { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ ءَامَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ ٱلْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }

يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء المكذبين المعاندين { أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ } أي سلبكم إياها كما أعطاكموها، كما قال تعالى:هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ } [الملك: 23] الآية، ويحتمل أن يكون هذا عبارة عن منع الانتفاع بهما الانتفاع الشرعي، ولهذا قال: { وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ } ، كما قال:أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ } [يونس: 31] وقال:وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } [الأنفال: 24]، وقوله: { مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ } أي هل أحد غير الله يقدر على رد ذلك إليكم إذا سلبه الله منكم؟ لا يقدر على ذلك أحد سواه، ولهذا قال: { ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ } أي نبينها ونوضحها ونفسرها دالة على أنه لا إله إلاّ الله، وأن ما يعبدون من دونه باطل وضلال، { ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } أي ثم هم مع البيان يصدفون، أي يعرضون عن الحق ويصدون الناس عن اتباعه. قال ابن عباس: يصدفون أي يعدلون. وقال مجاهد وقتادة: يعرضون، وقال السدي: يصدون. وقوله تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغْتَةً } أي وأنتم لا تشعرون به حتى بغتكم وفجأكم، { أَوْ جَهْرَةً } أي ظاهراً عياناً، { هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلظَّالِمُونَ } أي إنما كان يحيط بالظالمين أنفسهم بالشرك بالله وينجو الذين كانوا يعبدون الله وحده لا شريك له فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وقوله: { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ } أي مبشرين عباد الله المؤمنين بالخيرات، ومنذرين من كفر بالله النقمات والعقوبات، ولهذا قال: { فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ } أي فمن آمن قلبه بما جاءوا به وأصلح عمله باتباعه إياهم { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } أي بالنسبة لما يستقبلونه، { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } أي بالنسبة إلى ما فاتهم وتركوه وراء ظهورهم من أمر الدنيا وصنيعها، الله وليهم فيما خلفوه، وحافظهم فيما تركوه، ثم قال: { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ ٱلْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } أي ينالهم العذاب بما كفروا بما جاءت به الرسل، وخرجوا عن أوامر الله وطاعته، وارتكبوا من مناهيه ومحارمه وانتهاك حرماته.