الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود موادعة، وكانوا إذا مر بهم الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلسوا يتناجون بينهم، حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن، فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى، فأنزل الله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ }. وقوله تعالى: { وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ } أي يتحدثون فيما بينهم بالإثم وهو ما يختص بهم، { وَٱلْعُدْوَانِ } وهو ما يتعلق بغيرهم، ومنه معصية الرسول ومخالفته، يصرون عليها ويتواصون بها، وقوله تعالى: { وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ }. عن عائشة قالت: " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود، فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، فقالت عائشة: وعليكم السام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش " ، قلت: ألا تسمعهم يقولون: السام عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أو سمعتِ ما أقول وعليكم؟ " ، فأنزل الله تعالى: { وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ } " وفي رواية في الصحيح " أنها قالت لهم: عليكم السام والذام واللعنة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا " " وروى ابن جرير، عن أنس بن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه إذ أتى عليهم يهودي، فسلم عليهم فردوا عليه، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " هل تدرون ما قال؟ " قالوا: سلم يا رسول الله، قال: " بل قال: سام عليكم " أي تسامون دينكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ردوه " ، فردوه عليه، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " أقلت سام عليكم؟ " قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: عليك " " ، أي عليك ما قلت.

وقوله تعالى: { وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ } أي يفعلون هذا ويقولون في أنفسهم لو كان هذا نبياً لعذبنا الله بما نقول له في الباطن لأن الله يعلم ما نسره، فلو كان هذا نبياً حقاً لأوشك الله أن يعاجلنا بالعقوبة في الدنيا، فقال الله تعالى: { حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ } أي جهنم كفايتهم في الدار الآخرة { يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } ، عن عبد الله بن عمرو: أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: سام عليك، ثم يقولون في أنفسهم: لولا يعذبنا الله بما نقول؟ فنزلت هذه الآية: { وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }.

السابقالتالي
2