الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ } * { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } * { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } * { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

يقول تعالى: { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ }؟ وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها، { أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ }؟ أي تنبتونه في الأرض { أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ }؟ أي بل نحن الذي نقره قراره وننبته في الأرض، روي عن حجر المدري أنه كان إذا قرأ { أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } وأمثالها، يقول: بل أنت يا رب، وقوله تعالى: { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً } أي نحن أنبتناه بلطفنا ورحمتنا، وأبقيناه لكم رحمة بكم، ولو نشاء لجعلناه حطاماً، أي لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده، { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ }. ثم فسر ذلك بقوله: { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } أي لو جعلناه حطاماً لظلتم تفكهون في المقالة تنوعون كلامكم، فتقولون تارة: { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } أي لملقون، وقال مجاهد وعكرمة: إنا لمولع بنا، وقال قتادة: معذبون، وتارة تقولون: { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } أي لا يثبت لنا مال ولا ينتج لنا ربح، وقال مجاهد: { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } أي مجدودون يعني لا حظ لنا، وقال ابن عباس ومجاهد: { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } تعجبون، وقال مجاهد أيضاً: { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم، وهذا يرجع إلى الأول، وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم، وهذا اختيار ابن جرير. وقال عكرمة: { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } تلاومون، وقال الحسن وقتادة: { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } تندمون ومعناه إما على ما أنفقتم أو على ما أسلفتم من الذنوب، قال الكسائي: تفكه من الأضداد، تقول العرب: تفكهت بمعنى تنعمت، وتفكهت بمعنى حزنت.

ثم قال تعالى: { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ } ، يعني السحاب، { أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } ، يقول: بل نحن المنزلون، { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً } أي زعافاً مراً لا يصلح لشرب ولا زرع، { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } أي فهلا تشكرون نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذباً زلالاً،لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ } [النحل: 10] روى ابن أبي حاتم، عن جابر، عن أبي جعفر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا شرب الماء قال: " الحمد الله الذي سقانا عذباً فراتاً برحمته، ولم يجعله ملحاً أجاجاً بذنوبنا " ثم قال: { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } أي تقدحون من الزناد وتستخرجونها من أصلها { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } أي بل نحن الذين جعلناها مودعة في موضعها، وللعرب شجرتان: إحداهما (المرخ) والأُخرى (العفار) إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما بالآخر تناثر من بينهما شرر النار، وقوله تعالى: { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً } قال مجاهد وقتادة: أي تذكر النار الكبرى، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنم وضربت بالبحر، مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد "

السابقالتالي
2