الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } * { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } * { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } * { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } * { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } * { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } * { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ }

لما ذكر تعالى مآل السابقين وهم المقربون، عطف عليهم بذكر أصحاب اليمين وهم الأبرار، كما قال ميمون بن مهران: أصحاب اليمين منزلتهم دون المقربين، فقال: { وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } أي ما حالهم وكيف مآلهم؟ ثم فسر ذلك فقال تعالى: { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } قال ابن عباس وعكرمة: هو الذي لا شوك فيه، وعن ابن عباس: هو الموقر بالثمر، وقال قتادة: كنا نحدث أنه الموقر الذي لا شوك فيه، والظاهر أن المراد هذا وهذا، فإن سدر الدنيا كثير الشوك قليل الثمر، وفي الآخرة على العكس من هذا لا شوك فيه، وفيه الثمر الكثير الذي قد أثقل أصله، كما روى الحافظ أبو بكر النجار، عن سليم بن عامر قال: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: إن الله لينفعنا بالأعراب ومسائلهم، قال: أقبل أعرابي يوماً فقال: يا رسول الله ذكر الله في الجنة شجرة تؤذي صاحبها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما هي؟ " قال: السدر، فإن له شوكاً مؤذياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أليس الله تعالى يقول: { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } خضد الله شوكه، فجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها لتنبت ثمراً تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لوناً من طعام ما فيها لون يشبه الآخر " ، وقوله: { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } الطلح: شجر عظام يكون بأرض الحجاز، من شجر العضاه واحدته طلحة، وهو شجر كثير الشوك، وأنشد ابن جرير لبعض الحداة:
بشَّرها دليلها وقالا   غداً ترين الطلح والجبالا
قال مجاهد: { مَّنضُودٍ }: أي متراكم الثمر، يذكر بذلك قريشاً لأنهم كانوا يعجبون من وج ظلاله من طلح وسدر، قال ابن عباس: يشبه طلح الدنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل، قال الجوهري: والطلح لغة في الطلع، (قلت): وقد روي أن علياً يقول هذا الحرف في { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } قال: طلع منضود، فعلى هذا يكون من صفة السدر، فكأنه وصفه بأنه مخضود وهو الذي لا شوك له، وأن طلعه منضود، وهو كثرة ثمره والله أعلم. وعن أبي سعيد { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } قال: الموز، وأهل اليمن يسمون الموز: الطلح، ولم يحك ابن جرير غير هذا القول، وقوله تعالى: { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } روى البخاري، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، اقرأوا إن شئتم { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } " وقال الإمام أحمد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام، إقرأوا إن شئتم { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } "

السابقالتالي
2 3 4 5