الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ } * { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } * { قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُتَرَبِّصِينَ } * { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـٰذَآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } * { أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ } * { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ }

يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يبلغ رسالته إلى عباده، وأن يذكرهم بما أنزل الله عليه، ثم نفى عنه ما يرميه به أهل البهتان والفجور فقال: { فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ } ، أي لست بحمد الله بكاهن كما تقوله الجهلة من كفار قريش، والكاهن الذي يأتيه الرِئي من الجان بالكلمة يتلقاها من خبر السماء، { وَلاَ مَجْنُونٍ } وهو الذي يتخبطه الشيطان من المس. ثم قال تعالى منكراً عليهم في قولهم في الرسول صلى الله عليه وسلم: { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ }؟ أي قوارع الدهر، والمنون الموت، يقولون: ننتظره ونصبر عليه حتى يأتيه الموت فنستريح منه. قال الله تعالى: { قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُتَرَبِّصِينَ } أي انتظروا، فإني منتظر معكم وستعلمون لمن تكون العاقبة والنصرة في الدنيا والآخرة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن قريشاً لما اجتمعوا في دار الندوة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم قال قائل منهم: احتبسوه في وثاق وتربصوا به ريب المنون، حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء (زهير) و(النابغة) إنما هو كأحدهم، فأنزل الله تعالى ذلك من قولهم: { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ }؟ ثم قال تعالى: { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـٰذَآ } أي عقولهم تأمرهم بهذا الذي يقولونه فيك من الأقاويل الباطلة، التي يعلمون في أنفسهم أنها كذب وزور { أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } أي ولكن هم قوم طاغون ضلال معاندون، فهذا هو الذي يحملهم على ما قالوه فيك، وقوله تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ } أي اختلقه وافتراه من عند نفسه يعنون القرآن، قال تعالى: { بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ } أي كفرهم هو الذي يحملهم على هذه المقالة: { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ } أي إن كانوا صادقين في قولهم، تقوله وافتراه: فليأتوا بمثل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من هذا القرآن، فإنهم لو اجتمعوا هم وجميع أهل الأرض، من الجن والإنس ما جاءوا بمثله ولا بسورة من مثله.