الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } * { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } * { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } * { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } * { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } * { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ }

يقول تعالى: { وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي بدليل باهر وحجة قاطعة، { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } أي فأعرض فرعون عما جاءه به موسى من الحق المبين استكباراً وعناداً، قال مجاهد: تعزز بأصحابه، وقال قتادة: غلب عدو الله على قومه، وقال ابن زيد: { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } أي بمجموعه التي معه، ثم قرأ:لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } [هود: 80] والمعنى الأول قوي، { وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } أي لا يخلو أمرك فيما جئتني به، من أن تكون ساحراً أو مجنوناً، قال الله تعالى: { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ } أي ألقيناهم { فِي ٱلْيَمِّ } وهو البحر، { وَهُوَ مُلِيمٌ } أي وهو ملوم جاحد، فاجر معاند. ثم قال عزّ وجلّ: { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } أي المفسدة التي لا تنتج شيئاً ولهذا قال تعالى: { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ } أي مما تفسده الريح { إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } أي كالشيء الهالك البالي، وقد ثبت في الصحيح: " نصرت بالصَّبا وأهلكت عاد بالدَّبور " { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } قال ابن جرير: يعني إلى وقت فناء آجالكم، والظاهر أن هذه كقوله تعالى:وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ } [فصلت: 17]، وهكذا قال هٰهنا: { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ * فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار، { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ } أي من هرب ولا نهوض، { وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } أي لا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه، وقوله عزّ وجلّ: { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ } أي وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } ، وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة من سور متعددة. والله تعالى أعلم.