الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } * { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } * { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } * { وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } * { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } * { فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ }

يقول تعالى مخبراً عن المتقين لله عزّ وجلّ، أنهم يوم معادهم يكونون في جنات وعيون، بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه من العذاب والنكال والحريق والأغلال، وقوله تعالى: { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ } ، قال ابن جرير: أي عاملين بما آتاهم الله من الفرائض، { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } أي قبل أن يفرض عليهم الفرائض كانوا محسنين في الأعمال أيضاً، والذي فسر به ابن جرير فيه نظر، لأن قوله تبارك وتعالى { آخِذِينَ } حال من قوله { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } فالمتقون في حال كونهم في الجنان والعيون آخذين ما آتاهم ربهم، أي من النعيم والسرور والغبطة. وقوله عزّ وجلّ: { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ } أي في الدار الدنيا، { مُحْسِنِينَ } كقوله تعالى:كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } [الحاقة: 24]، ثم إنه تعالى بيّن إحسانهم في العمل فقال جلّ وعلا: { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ }. اختلف المفسرون في ذلك على قولين: أحدهما: أن (ما) نافية تقديره: كانوا قليلاً من الليل لا يهجعونه. قال ابن عباس: لم تكن تمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئاً، وقال قتادة: قلّ ليلة تأتي عليهم إلا يصلون فيها لله عزّ وجلّ، إما من أولها أو من وسطها، وقال مجاهد: قلَّ ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون، والقول الثاني: أن (ما) مصدرية تقديره: كانوا قليلاً من الليل هجوعهم ونومهم، واختاره ابن جرير، وقال الحسن البصري: { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } ، كابدوا قيام الليل فلا ينامون من الليل إلا أقله، ونشطوا فمدوا إلى السحر حتى كان الاستغفار بسحر، وقال الأحنف بن قيس: { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } كانوا لا ينامون إلا قليلاً، ثم يقول: لست من أهل هذه الآية، وقال عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم: قال رجل من بني تميم لأبي: يا أبا أسامة صفةٌ لا أجدها فينا ذكر الله تعالى قوماً فقال: { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } ونحن والله قليلاً من الليل ما نقوم. فقال له أبي: " طوبى لمن رقد إذا نعس، واتقى الله إذا استيقظ ". وقال عبد الله بن سلام: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه فكنت فيمن انجفل، فلما رأيت وجهه صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول ما سمعته صلى الله عليه وسلم يقول: " يا أيها الناس أطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وأفشوا السلام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام " وروى الإمام أحمد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

السابقالتالي
2 3