الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

قال ابن أبي حاتم عن معن وعوف، أو أحدهما: أن رجلاً أتى عبد الله بن مسعود، فقال: اعهد إليّ، فقال: إذا سمعت الله يقول: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } فأرعها سمعك، فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه. وعن خيثمة قال: كل شيء في القرآن { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } فهو في التوراة يا أيها المساكين. وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً لعمرو بن حزم، حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنّة، ويأخذ صدقاتهم، فكتب له كتاباً وعهداً، وأمره فيه بأمره، فكتب: " بسم الله الرحمٰن الرحيم هذا كتاب من الله ورسوله { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } عهد من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو ابن حزم حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كله، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ". وقوله تعالى: { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } ، قال ابن عباس يعني بالعقود: العهود؛ قال: والعهود: ما كانوا يتعاقدون عليه من الحلف وغيره؛ وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس العهود: يعني ما أحل الله وما حرم، وما فرض وما حد في القرآن كله، ولا تغدروا ولا تنكثوا، ثم شدد في ذلك فقال تعالى:وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } [الرعد: 25]. إلى قوله:سُوۤءُ ٱلدَّارِ } [الرعد: 25] وقال الضحاك: { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } قال: ما أحل الله وحرم، وما أخذ الله من الميثاق على من أقر بالإيمان بالنبي والكتاب أن يوفوا بما أخذ الله عليهم من الفرائض من الحلال والحرام، وقال زيد بن أسلم: { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } قال: هي ستة، عهد الله، وعقد الحلف، وعقد الشركة، وعقد البيع، وعقد النكاح، وعقد اليمين، وقد استدل بعض من ذهب إلى أنه لا خيار في مجلس البيع بهذه الآية { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } ، قال: فهذا يدل على لزوم العقد وثبوته، ويقتضي نفي خيار المجلس، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك، وخالفهما في ذلك الشافعي وأحمد والجمهور، والحجة في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا " ، وفي لفظ آخر للبخاري؛ " إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا " ، وهذا صريح في إثبات خيار المجلس المتعقب لعقد البيع، وليس هذا منافياً للزوم العقد، بل هو من مقتضياته شرعاً، فالتزامه من تمام الوفاء بالعقود.

وقوله تعالى: { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ } هي الإبل والبقر والغنم، قاله قتادة وغير واحد، قال ابن جرير: وكذلك هو عند العرب، وقد استدل ابن عمر وابن عباس وغير واحد بهذه الآية على إباحة الجنين إذا وجد ميتاً في بطن أمه إذا ذبحت، وقد ورد في ذلك حديث في السنن.

السابقالتالي
2 3 4 5