الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }

يقول تعالى ناهياً عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخون للأهل والناس في غير محله، لأن بعض ذلك يكون إثماً محضاً، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً وأنت تجد لها في الخير محملاً، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: " ما أطيبك وأطيب ريحك! ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله تعالى حرمة منك، ماله ودمه وأن يظن به إلا خيراً " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً ".

وعن أنَس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام " وروى الطبراني، عن حارثة بن النعمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " ثلاث لازمات لأمتي: الطيرة والحسد وسوء الظن " ، فقال رجل: وما يذهبهن يا رسول الله ممن هن فيه؟ قال صلى الله عليه وسلم: " إذا حسدت فاستغفر الله، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا تطيرت فامض " " وروى أبو داود، عن زيد رضي الله عنه قال: أتي ابن مسعود رضي الله عنه برجل فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمراً، فقال عبد الله رضي الله عنه: " إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به ".

وروى الإمام أحمد، عن أبي الهيثم عن دجين كاتب عقبة قال: " قلت لعقبة إن لنا جيراناً يشربون الخمر، وأنا داع لهم الشرط فيأخذونهم قال: لا تفعل، ولكن عظهم وتهددهم، قال: ففعل فلم ينتهوا، قال: فجاءه دجين، فقال: إني قد نهيتهم وإني داع لهم الشرط، فتأخذهم، فقال له عقبة: ويحك لا تفعل، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من ستر عورة مؤمن فكأنما استحيا موءودة من قبرها " " { وَلاَ تَجَسَّسُواْ } أي على بعضكم بعضاً، والتجسس غالباً يطلق في الشر ومنه الجاسوس، وأما التحسس فيكون غالباً في الخير، كما قال عزَّ وجلَّ إخباراً عن يعقوب:يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ } [يوسف: 87]. وقال الأوزاعي: التجسس البحث عن الشيء، والتحسس الاستماع إلى حديث القوم، أو يتسمع على أبوابهم، والتدابر: الصرم.

السابقالتالي
2 3 4