الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }

هذه آيات آدّب الله تعالى بها عباده المؤمنين، فيما يعاملون به الرسول صلى الله عليه وسلم من التوقير والاحترام، والتبجيل والإعظام، فقال تبارك وتعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي لا تسرعوا في الأشياء بين يديه أي قبله، بل كونوا تبعاً له في جميع الأمور، قال ابن عباس: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه، وقال مجاهد: لا تفتاتوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء حتى يقضي الله تعالى على لسانه، وقال الضحّاك: لا تقضوا أمراً دون الله ورسوله من شرائع دينكم، وقال الحسن البصري: لا تدعوا قبل الإمام، وقال قتادة: ذكر لنا أن ناساً كانوا يقولون: لو أنزل في كذا وكذا، لو صح كذا، فكره الله تعالى ذلك، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } فيما أمركم به { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } أي لأقوالكم { عَلِيمٌ } بنياتكم، وقوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ } هذا أدب ثان أدّب الله تعالى به المؤمنين، أن لا يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فوق صوته، وقد روي أنها نزلت في الشيخين (أبي بكر) و(عمر) رضي الله عنهما، روى البخاري عن ابن أبي مليكة قال: " كاد الخيّران أن يهلكا (أبو بكر) و(عمر) رضي الله عنهما، رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم، حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس رضي الله عنه أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما: ما أردت إلاّ خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } قال ابن الزبير: فما كان عمر رضي الله عنه يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه " وفي رواية أخرى له قال: " قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر رضي الله عنه: أمّر (القعقاع بن معبد)، وقال عمر رضي الله عنه: بل أمّر (الأقرع بن حابس) فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما أردت إلاّ خلافي، فقال عمر رضي الله عنه ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما: فنزلت في ذلك: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } حتى انقضت الآية { وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ } الآية " ، أخرجه البخاري.

وروى الحافظ البزار، عن أبي بكر رضي الله عنه قال:

السابقالتالي
2 3