الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } * { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } * { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً }

نزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية، في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام، وحالوا بينه وبين العمرة، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل، فأجابهم إلى ذلك على كره من جماعة من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما نحر هديه حيث أحصر ورجع، أنزل الله عزَّ وجلَّ هذه السورة، وجعل ذلك الصلح فتحاً باعتبار ما فيه من المصلحة، وما آل الأمر إليه، كما روى ابن مسعود رضي الله عنه وغيره، أنه قال: إنكم تعدون الفتح (فتح مكة) ونحن نعد الفتح صلح الحديبية، وروى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: " تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحاً، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها، فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء، فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا " ، وروى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قال: فسألته عن شيء ثلاث مرات فلم يرد عليَّ، قال: فقلت في نفسي ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، ألححت، كررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك! قال: فركبت راحلتي فحركت بعيري، فتقدمت مخافة أن يكون نزل فيَّ شيء، قال: فإذا أنا بمناد: يا عمر، قال: فرجعت وأنا أظن أنه نزل فيَّ شيء، قال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " نزل عليّ البارحة سورة هي أحب إليَّ من الدنيا وما فيها: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } " " وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: " نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } مرجعه من الحديبية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد أنزلت عليَّ الليلة آية أحب إليّ مما على الأرض، ثم قرأها عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هنيئاً مريئاً يا نبي الله، بيّن الله عزَّ وجلَّ ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه صلى الله عليه وسلم: { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } - حتى بلغ - { فَوْزاً عَظِيماً } "

السابقالتالي
2