اشتملت هذه الآية الكريمة على عشر كلمات مستقلات، كل منها منفصلة عن التي قبلها، حكم برأسها، قالوا: ولا نظير لها سوى آية الكرسي، فإنها أيضاً عشرة فصول كهذه، وقوله: { فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ } أي فللذي أوحينا إليك من الدين الذي وصينا به جميع المرسلين قبلك، أصحاب الشرائع المتبعة، فادع الناس إليه، وقوله عزّ وجلّ: { وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ } أي واستقم أنت ومن اتبعك على عبادة الله تعالى، كما أمركم الله عزّ وجلّ. وقوله تعالى: { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ } يعني المشركين فيما اختلقوه فيه وكذبوه وافتروا من عبادة الأوثان. وقوله جلّ وعلا: { وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَابٍ } أي صدقت بجميع الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء لا نفرق بين أحد منهم. وقوله: { وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } أي في الحكم كما أمرني الله. وقوله جلَّت عظمته { ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ } أي هو المعبود لا إلٰه غيره فنحن نقر بذلك اختياراً، وأنتم وإن لم تفعلوه اختياراً فله يسجد من في العالمين طوعاً وإجباراً. وقوله تبارك وتعالى: { لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } أي نحن برآء منكم. قال سبحانه وتعالى:{ وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [يونس: 41]، وقوله تعالى: { لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } قال مجاهد: أي لا خصومة. قال السدي: وذلك قبل نزول آية السيف، وهذا متجه، لأن هذه الآية مكية وآية السيف بعد الهجرة، وقوله عزّ وجلّ: { ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا } أي يوم القيامة كقوله:{ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ } [سبأ: 26]. وقوله جلّ وعلا: { وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } أي المرجع والمآب يوم الحساب.