يقول تعالى: لا يمل الإنسان من دعاء ربه بالخير وهو المال وصحة الجسم وغير ذلك، { وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ } وهو البلاء أو الفقر { فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } أي يقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا خير، { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي } أي إذا أصابه خير ورزق بعدما كان في شدة ليقولن هذا لي إني كنت أستحقه عند ربي { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً } أي يكفر بقيام الساعة، أي لأجل أنه خوّل نعمة يبطر ويفخر ويكفر، كما قال تعالى:{ كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } [العلق: 6-7]، { وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } أي ولئن كان ثم معاد فليحسنن إليَّ ربي كما أحسن إليّ في هذه الدار، يتمنى على الله عزّ وجلّ مع إساءته العمل وعدم اليقين، قال الله تبارك وتعالى: { فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } يتهدد تعالى من كان هذا عمله واعتقاده بالعقاب والنكال، ثم قال تعالى: { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ } أي أعرض عن الطاعة واستكبر عن الانقياد لأوامر الله عزّ وجلّ، كقوله جلّ جلاله:{ فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } [الذاريات: 39]، { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ } أي الشدة { فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ } أي يطيل المسألة في الشيء الواحد، فالكلام العريض ما طال لفظه وقل معناه، والوجيز عكسه وهو ما قل ودل، وقد قال تعالى:{ وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ } [يونس: 12] الآية.